نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري جلد : 1 صفحه : 345
ويستبشر بنصر ربه . فجلس بين يديه فقال له أرمياء : من أنت ؟ قال : أنا الذي أتيتك مرتين أستفتيك في شأن أهلي ورحمي . فقال له أرمياء : ألم يأن لهم أن يفيقوا من الذي هم فيه ؟ فقال له الملك : يا نبي اللَّه كل شيء كان يصيبني منهم قبل اليوم ، كنت أصبر عليه ، واليوم رأيتهم في عمل لا يرضي اللَّه تعالى . فقال أرمياء : على أي عمل رأيتهم ؟ قال على عمل عظيم من سخط اللَّه عزّ وجل ، فغضبت للَّه ، وأتيتك وأنا أسألك باللَّه الذي بعثك بالحق إلا ما دعوت اللَّه عليهم ليهلكهم . فقال أرمياء : يا مالك السموات والأرض ، إن كانوا على حق وصواب فأبقهم وإن كانوا على عمل لا نرضاه فأهلكهم فلما خرجت الكلمة من فم أرمياء ، أرسل اللَّه صاعقة من السماء في بيت المقدس فالتهب مكان القربان ، وخسف بسبعة أبواب من أبوابه ، فلما رأى ذلك أرمياء صاح وشق ثيابه وقال : يا مالك السموات والأرض أين ميعادك الذي وعدتني ؟ فنودي أنه لم يصبهم ما أصابهم ، إلا بفتياك ودعائك . فعلم أنها فتياه وإن ذلك السائل كان رسولا من اللَّه إليه فطار أرمياء حتى خالط الوحوش ودخل بختنصر وجنوده بيت المقدس ووطىء الشام وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم وخرب بيت المقدس . ثم أمر جنوده أن يملأ كل رجل منهم ترسه ترابا فيقذفه في بيت المقدس ففعلوا حتى ملؤوه . ثم أمرهم أن يجمعوا من كان في بلدان بيت المقدس فاجتمع عنده كبيرهم وصغيرهم من بني إسرائيل فاختار منهم سبعين ألف صبي فقسمهم بين الملوك الذين كانوا معه فأصاب كل واحد منهم أربعة أغلمة . وكان من أولئك الأغلمة دانيال وحنانيا . وفرق من بقي من بني إسرائيل ثلاث فرق : فثلثا قتلهم ، وثلثا سباهم ، وثلثا أقرهم بالشأم . فكانت هذه الوقعة الأولى التي أنزلها اللَّه تعالى ببني إسرائيل يظلمهم . فلما ولي بختنصر راجعا عنهم إلى بابل ، ومعه سبايا بني إسرائيل ، أقبل أرمياء على حمار له ، معه عصير عنب في ركوة وسلة تين ، حتى غشي إيلياء فلما وقف عليها ورأى خرابها ، قال : * ( أَنَّى يُحْيِي هذِه الله بَعْدَ مَوْتِها ) * [1] ثم ربط أرمياء حماره بحبل جديد ، فألقى اللَّه تعالى عليه النوم ، فلما نام نزع اللَّه منه الروح مائة عام ، وأمات حماره وعصيره وتينه عنده ، وأعمى اللَّه عنه العيون ، فلم يره أحد وذلك ضحى . ومنع اللَّه السباع والطير عن أكل لحمه ، فلما مضى من موته سبعون سنة ، أرسل اللَّه تعالى ملكا من ملوك فارس ، يقال له نوشك إلى بيت المقدس ليعمره ، فانتدب في ألف قهرمان مع كل قهرمان ثلاثمائة ألف عامل ، وجعلوا يعمرونه . وأهلك اللَّه بختنصر ببعوضة دخلت في دماغه ، ونجى اللَّه من بقي من بني إسرائيل ، ولم يمت أحد منهم ببابل ، وردهم اللَّه إلى بيت المقدس ونواحيه ، وعمروه ثلاثين سنة وكثروا ، حتى كانوا على أحسن ما كانوا عليه . فلما مضت المائة سنة أحيا اللَّه تعالى من أرمياء عينيه ، وسائر جسده ميت ثم أحيا جسده وهو ينظر ، ثم نظر إلى حماره فإذا عظامه متفرقة بيض تلوح ، فسمع صوتا من السماء أيها العظام البالية إن اللَّه تعالى يأمرك أن تجتمعي فاجتمع بعضها إلى بعض واتصل بعضها ببعض ، ثم نودي إن اللَّه عزّ وجلّ يأمرك أن تكتسي لحما وجلدا فكان كذلك ثم نودي إن شاء اللَّه عزّ وجلّ يأمرك أن تحيا ، فقام بإذن اللَّه عزّ وجلّ ونهق ، وعمر اللَّه تعالى أرمياء فهو الذي يرى في الفلوات فذلك قوله تعالى :