نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري جلد : 1 صفحه : 317
لا إله إلَّا اللَّه عيسى روح اللَّه وكلمته وعبده ورسوله ، فقال إسحاق : يا روح اللَّه : وكلمته ما هذا القبر الذي فيه زوجتي ، وإنما هو هذا وأشار إلى قبر آخر ، فقال عيسى للأسود : ارجع إلى ما كنت فيه فسقط ميتا فواراه في قبره . ثم وقف على القبر الآخر وقال : قم يا ساكن هذا القبر بإذن اللَّه ، فقامت المرأة وهي تنثر التراب عن وجهها ، فقال عيسى : هذه زوجتك ؟ قال : نعم يا روح اللَّه . قال : خذ بيدها وانصرف . فأخذها ومضى فأدركه النوم فقال لها : إنه قد قتلني السهر على قبرك ، وأريد أن آخذ لي راحة . قالت : افعل فوضع رأسه على فخذها ونام . فبينما هو نائم إذ مر عليها ابن الملك ، وكان ذا حسن وجمال وهيئة عظيمة ، راكبا على جواد حسن ، فلما رأته هويته ، وقامت إليه مسرعة ، فلما نظرها وقعت في قلبه ، فأتت إليه وقالت : خذني . فأردفها على جواده وسار فاستيقظ زوجها ونظر فلم يرها فقام يطلبها ، وقص أثر الجواد فأدركهما ، وقال لابن الملك : اعطني زوجتي وابنة عمي ، فأنكرته وقالت : أنا جارية ابن الملك فقال : بل أنت زوجتي وابنة عمي . فقالت : ما أعرفك ! وما أنا إلا جارية ابن الملك ! فقال له ابن الملك : أفتريد أن تفسد جاريتي ؟ فقال : واللَّه إنها لزوجتي وإن عيسى بن مريم أحياها لي بإذن اللَّه ، بعد أن كانت ميتة ، فبينما هم في المنازعة إذ مر عيسى صلى اللَّه عليه وسلم فقال إسحاق : يا روح اللَّه أما هذه زوجتي التي أحييتها لي بإذن اللَّه ؟ قال : نعم . فقالت : يا روح اللَّه إنه يكذب وإني جارية ابن الملك . وقال ابن الملك : هذه جاريتي . قال عيسى : ألست التي أحييتك بإذن اللَّه ؟ قالت : لا واللَّه يا روح اللَّه . قال : فردي علينا ما أعطيناك . فسقطت ميتة . فقال عيسى : من أراد أن ينظر إلى رجل أماته اللَّه كافرا ثم أحياه وأماته مسلما ، فلينظر إلى ذلك الأسود . ومن أراد أن ينظر إلى امرأة أماتها اللَّه مؤمنة ، ثم أحياها وأماتها كافرة ، فلينظر إلى هذه . وإن إسحاق الإسرائيلي ، عاهد اللَّه تعالى أن لا يتزوج أبدا ، وهام على وجهه في البراري باكيا . وفي هذه الحكاية أعظم عبرة لأولي الألباب وهي من أعجب ما يسمع في التوفيق والخذلان ، نسأل اللَّه تعالى السلامة ، وحسن الخاتمة ، بجاه سيدنا محمد وآله . وقد أحببت أن أذكر هنا ما أخبرني به بعض العلماء العارفين وهو أن عيسى صلى اللَّه عليه وسلم اجتاز في بعض الأيام بجبل ، فرأى فيه صومعة فدنا منها فرأى فيها متعبدا قد انحنى ظهره ، ونحل جسمه ، وبلغ به الاجتهاد أقصى غاياته ، فسلم عليه وقال له : منذ كم أنت في هذه الصومعة ؟ فقال : منذ سبعين سنة أسأله حاجة واحدة وما قضاها لي بعد ! فعساك يا روح اللَّه أن تكون شفيعا لي فيها فعساها تقضى ! فقال له عيسى : وما حاجتك ؟ قال : أن يذيقني مثقال ذرة من خالص محبته . فقال عيسى : ها أنا أدعو اللَّه لك في ذلك فدعا له عيسى في تلك الليلة فأوحى اللَّه إليه إني قد قبلت شفاعتك ، وأجبت دعوتك . فعاد عيسى بعد أيام إلى ذلك الموضع فرأى الصومعة قد وقعت والأرض التي تحتها قد شقت ، فنزل عيسى ذلك الشق إلى منتهاه فرأى العابد في مغارة تحت ذلك الجبل ، واقفا شاخصا مثقال ذرة من خالص محبتنا فعلمنا أنه لا يطيق ذلك ، فوهبناه جزءا من سبعين ألف جزء من ذرة ، فهو فيها حائر كما ترى فكيف لو وهبناه أكثر من ذلك ؟ ! أه قلت : فمحبة الخواص من هذه المعادن رشحت ، وبهذه الأوصاف عرفت ، واعلم أن المحبة هي أوّل أودية الفناء ، والعقبة التي تنحدر منها إلى منازل المحو . وقد اختلفت إشارات أهل التحقيق في العبارة عنها ، فكل نطق بحسب ذوقه ، وافصح
317
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري جلد : 1 صفحه : 317