نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري جلد : 1 صفحه : 316
وأمر بأن يعمل عملا بديعا مهولا بحيث إذا رآه مبطل أو شاهد زور ، ارتدع وبهت ، فأمر أن يجعل من أنياب الفيلة مرصعا بالدر والياقوت والزبرجد ، وأن يحف بأربع نخلات من ذهب شماريخها [1] الياقوت منهما عمود من الزبرجد الأخضر . على رأس نختلتين منها طاووسان من ذهب ، وعلى رأس نخلتين نسران من ذهب ، بعضها يقابل بعضا . وجعل بجانب الكرسي أسدين من ذهب ، وعلى رأس كل واحد منهما عمود من الزبرجد الأخضر . وقد عقد على النخلات أشجار كروم من الذهب الأحمر وعناقيدها من الياقوت الأحمر ، بحيث تظل عروش الكروم والنخل الكرسي . وكان سليمان إذا أراد صعوده وضع قدميه على الدرجة السفلى فيستدير الكرسي كله بما فيه دوران الرحا المسرعة وتنشر تلك الطيور والنسور أجنحتها ، ويبسط الأسدان أيديهما ، ويضربان الأرض بأذنابهما ، فإذا استوى على أعلاه أخذ النسران ، اللذان في النخلتين ، تاج سليمان فوضعاه على رأسه ، ثم يستدير الكرسي بما فيه فيدور معه النسران والطاووسان والأسدان مائلات برؤوسها إلى سليمان ، وينضحن عليه من أجوافهن المسك والعنبر ، ثم تناوله حمامة من ذهب ، قائمة على عمود ، من أعمدة الجواهر ، فوق الكرسي ، التوراة فيفتحها سليمان ويقرؤها على الناس ويدعوهم إلى فصل القضاء . ويجلس عظماء بني اسرائيل على كراسي الذهب المرصعة بالجوهر ، وهي ألف كرسي عن يمينه ، ويجلس عظماء الجن على كراسي الفضة عن يساره ، وهي ألف كرسي ، ثم تحف بهم الطيور فتظلهم . ويتقدم الناس لفصل الخصومات ، فإذا تقدمت الشهود لأداء الشهادات ، دار الكرسي بما فيه وعليه ، دوران الرحا المسرعة ، ويبسط الأسدان أيديهما ، ويضربان الأرض بأذنابهما ، وينشر النسران والطاووسان أجنحتها ، فيفزع الشهود فلا يشهدون إلا بالحق . فلما توفي سليمان عليه الصلاة والسلام ، وغزا بختنصر بيت المقدس ، حمل الكرسي إلى انطاكية وأراد أن يصعد عليه فلم يقدر ، وضرب الأسدان رجله فكسراها . ثم لما هلك بختنصر حمل الكرسي إلى بيت المقدس ، فلم يستطع ملك قط أن يجلس عليه . ولم يدر أحد ما آل إليه عاقبة أمره ، ولعله رفع . وإنما ذكرت صفته هنا لأنه من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده . وزعم الطبري أن بختنصر ، ليس من الملوك الأربعة الذين ملكوا الأقاليم كلها ، كما قاله العتبي ومن تقدمه إلى هذا القول . قال : ولكنه كان عاملا على العراق للملك المالك للأقاليم في ذلك الحين وهو كيلهراسب . والصحيح ما قاله العتبي وغيره . وذكر أهل التاريخ وأصحاب السير أن رجلا من بني إسرائيل إسمه إسحاق في زمن عيسى بن مريم عليهما السلام ، كان له ابنة عم من أجمل أهل زمانها وكان مغرما بها ، فماتت فلزم قبرها ومكث زمانا لا يفتر عن زيارته ، فمرّ به عيسى يوما وهو على قبرها يبكي ، فقال له عيسى عليه السلام : ما يبكيك يا إسحق ؟ فقال له : يا روح اللَّه كانت لي ابنة عم وهي زوجتي ، وكنت أحبها حبا شديدا وإنها قد توفيت ، وهذا قبرها وإني لا أستطيع الصبر عنها وقد قتلني فراقها ، فقال له عيسى : أتحب أن أحييها لك بإذن اللَّه ؟ قال : نعم يا روح اللَّه فوقف عيسى على القبر ، وقال : قم يا صاحب هذا القبر بإذن اللَّه : فانشق القبر وخرج منه عبدا أسود ، والنار خارجة من مناخره وعينيه ، ومنافذ وجهه ، وهو يقول :