responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 25


المتكلمين وإن فهموه ، لم يتصفوا به ، وهو أن ترى الأمور كلها ، من اللَّه رؤية تقطع الالتفات إلى الأسباب والوسائط ، فلا ترى الخير والشر إلا منه تبارك وتعالى .
وهذا مقام شريف ، فالتوحيد جوهر نفيس ، له قشران : أحدهما أبعد عن اللب من الآخر ، وهو أن تقول بلسانك : لا إله إلا اللَّه ، وهذا يسمى توحيدا مناقضا للتثليث ، الذي تصرح به النصارى . لكنه قد يصدر من المنافق الذي يخالف سره جهره . وأما القشر الثاني فأن لا يكون في القلب مخالفة وإنكار لمفهوم هذا القول بل يشتمل القلب على اعتقاد ذلك والتصديق به ، وهذا توحيد عوام الخلق والمتكلمون كما سبق حراس هذا القشر عن تشويش المبتدعة ، فخصص الناس الاسم بهذين القشرين ، وتركوا لبابهما وأهملوه بالكلية . واللباب هو التوحيد المحض ، وهو أن ترى الأمور كلها من اللَّه تعالى رؤية تقطع الالتفات إلى الأسباب والوسائط ، وأن تعبده عبادة تفرده بها فلا تعبد غيره واتباع الهوى يخرج عن هذا التوحيد ؛ فكل متبع هواه ، قد اتخذ هواه معبوده . قال [1] اللَّه تعالى : * ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَه هَواه ) * . وقال [2] صلى اللَّه عليه وسلم : « أبغض إله عبد في الأرض عند اللَّه هو الهوى » . وعلى التحقيق من تأمل عرف أن عابد الصنم ليس يعبد الصنم إنما يعبد هواه ، إذ نفسه مائلة إلى دين آبائه ، فيتبع ذلك الميل . وميل النفس إلى المألوفات أحد المعاني التي يعبر عنها بالهوى ويخرج عن هذا التوحيد السخط على الخلق والالتفات إليهم . فإن من يرى الكل ، من اللَّه تعالى ، كيف يسخط على غيره ، فالتوحيد عبارة عن هذا المقام ، وهو من مقامات الصديقين . فانظر إلى ماذا حول وبأي قشر قنع فالموحّد هو الذي لا يرى إلَّا الواحد ، ولا يتوجّه وجهه إلا إليه ، أي يكون قلبه متوجها إلى اللَّه تعالى على الخصوص . أه .
وقد تكلمت على هذا المقام في كتابنا الجوهر الفريد في علم التوحيد ، بكلام يشفي النفس ، ويزيل اللبس ، وهو كلام طويل مشبع ، جمعت فيه غالب أقوال الصحابة والعلماء ، فليراجع وهو في الجزء الثامن ، من الباب الخامس ، من كتاب التوحيد فليراجع .
واعلم أنه قد تقدم أن تعلم علم النجوم مذموم . فنقول قد روي عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال : « إذا ذكر القدر فأمسكوا ، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا » .
وقال [3] صلى اللَّه عليه وسلم : « أخاف على أمتي بعدي ثلاثا : حيف الأئمة ، والإيمان بالنجوم والتكذيب بالقدر » .
وقال عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه : « تعلموا من النجوم ما تهتدون به في البحر والبر ثم أمسكوا » وإنما زجر عنه من ثلاثة أوجه :
أحدها أنه مضر بأكثر الخلق ، فإنه إذا ألقي إليهم أن هذه الآثار تحدث عقب سير الكواكب ، وقع في نفوسهم أن الكواكب هي المؤثرة ، وأنها الآلهة المدبرة ، لأنها جواهر شريفة سماوية يعظم وقعها في القلوب ، فيبقى القلب ملتفتا إليها ، ويرى الشر والخير محذورا من جهتها ،



[1] سورة الجاثية : الآية 23 .
[2] رواه الترمذي في القيامة : 17 ولفظه : « بئس العبد عبد هوى يضله » .
[3] رواه أحمد : 5 ، 90 ولفظه : « ثلاث أخاف على أمتي » .

25

نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست