نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري جلد : 1 صفحه : 197
وتكافئني بمثل هذا سلمك اللَّه ! ثم صمت فلم يكلمنا ، فخرجنا من عنده ، فقال لي الرشيد : إذا دللتني على رجل فدلَّني على مثل هذا فإن هذا سيد المؤمنين اليوم . ويروى أن امرأة من نسائه دخلت عليه فقالت : يا هذا قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال ، فلو قبلت هذا المال لانفرجنا به . فقال : إن مثلي ومثلكم كمثل قوم كان لهم بعير ، يأكلون من كسبه ، فلما كبر نحروه وأكلوا لحمه . موتوا يا أهلي جوعا ولا تنحروا فضيلا . فلما سمع الرشيد ذلك ، قال : ادخل بنا فعسى أن يقبل المال . قال : فدخلنا فلما علم بنا الفضيل خرج فجلس على السطح ، فوق التراب . فجاء هارون الرشيد فجلس إلى جنبه ، فكلمه فلم يرد عليه ، فبينما نحن كذلك ، إذ خرجت جارية سوداء فقالت : يا هذا قد أذيت الشيخ منذ أتيته ، فانصرف يرحمك اللَّه راشدا . فانصرفنا . وقال القاضي ابن خلكان في ترجمة [1] الفضيل رحمه اللَّه : فبلغ ذلك سفيان الثوري ، فجاء إليه وقال له : يا أبا علي قد أخطأت في ردك البدرة ألا أخذتها وصرفتها في وجوه البر . فأخذ بلحيته وقال : يا أبا محمد أنت فقيه بالبلد والمنظور إليه وتغلط مثل هذا الغلط ! لو طابت لأولئك لطابت لي . أه . ولعل المذكور إنما كان سفيان بن عيينة لا سفيان الثوري واللَّه أعلم . وقال الرشيد لفضيل بن عياض : يرحمك اللَّه ما أزهدك ! فقال : أنت أزهد مني لأني أزهد في الدنيا وأنت تزهد في الآخرة والدنيا فانية والآخرة باقية ! وقيل إن الفضيل ، كانت له ابنة صغيرة ، فوجع كفها فسألها يوما وقال : يا بنية ما حال كفك ؟ فقالت : يا أبت بخير واللَّه لئن كان اللَّه تعالى ابتلى مني قليلا ، فلقد عافى مني كثيرا ابتلى كفي وعافى سائر بدني فله الحمد على ذلك . فقال : يا بنية أريني كفك فأرته فقبّله ، فقالت : يا أبت أناشدك اللَّه هل تحبني ؟ قال : اللهم نعم . فقالت : سوأة لك من اللَّه ، واللَّه ما ظننت أنك تحب مع اللَّه سواه . فصاح الفضيل وقال : يا سيدي صبية صغيرة ، تعاتبني في حبي لغيرك . وعزتك وجلالك لا أحببت معك سواك . وشكا رجل إلى الفضيل بن عياض حاله فقال له : يا أخي هل من مدبر غير اللَّه تعالى ؟ فقال : لا . قال : فارض به مدبرا . وقال : إني لأعصى اللَّه تعالى ، فأعرف ذلك في خلق حماري وخادمي . وقال : إذا أحب اللَّه تعالى عبدا أكثر غمه . وإذا أبغضه وسع عليه دنياه . وقال النووي في أذكاره : قال السيد الجليل فضيل بن عياض رضي اللَّه تعالى عنه : ترك العمل لأجل الناس رياء ، والعمل لأجل الناس شرك ، والإخلاص أن يعافيك اللَّه منهما . وسئل الفضيل بن عياض رضي اللَّه تعالى عنه عن المحبة فقال : هي أن تؤثر اللَّه عزّ وجلّ على ما سواه وقال رضي اللَّه تعالى عنه : لو كان لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا للإمام لأن اللَّه تعالى إذا أصلح الإمام ، أمن البلاد والعباد . وقال رضي اللَّه تعالى عنه : لأن يلاطف الرجل أهل مجلسه ، ويحسن خلقه معهم ، خير له من قيام ليله وصيام نهاره . وقال رضي اللَّه تعالى عنه : ربما قال الرجل : لا إله إلا اللَّه ، أو سبحان اللَّه ، فأخشى عليه النار . فقيل له : كيف ذلك ؟ قال : يغتاب بين يديه أحد فيعجبه ذلك ، فيقول : لا إله إلا اللَّه ، أو سبحان اللَّه ، وليس هذا موضعهما ، وإنما هو موضع أن ينصح له في نفسه ، ويقول : اتق اللَّه . وبلغه رضي اللَّه تعالى عنه أن ابنه عليا قال : وددت أن أكون بمكان أرى فيه الناس ولا