responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 196


الخلافة ، دعا سالم [1] بن عبد اللَّه بن عمرو محمد بن كعب القرظي [2] ورجاء بن [3] حيوة ، وقال لهم : إني قد ابتليت بهذا البلاء ، فأشيروا علي ؟ فعد الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة .
فقال له سالم بن عبد اللَّه : إن أردت النجاة غدا من عذاب اللَّه ، فصم عن الدنيا ، وليكن إفطارك فيها على الموت . وقال له محمد بن كعب : إن أردت النجاة غدا من عذاب اللَّه ، فليكن كبير المسلمين لك أبا ، وأوسطهم لك أخا ، وأصغرهم لك ولدا ، فبر أباك ، وارحم أخاك ، وتحنن على ولدك . وقال له رجاء بن حيوة : إن أردت النجاة غدا ، من عذاب اللَّه ، فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك ، واكره لهم ما تكره لنفسك ، ثم متى شئت مت ، وإني لأقول لك هذا ، وإني لأخاف عليك أشد الخوف ، يوم تزل الاقدام ، فهل معك ، يرحمك اللَّه ، مثل هؤلاء القوم ، من يأمرك بمثل هذا ؟ قال : فبكى هارون الرشيد بكاء شديدا حتى غشي عليه . فقلت : يا أمير المؤمنين بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شكا إليه السهر ، فكتب إليه عمر يقول : يا أخي اذكر سهر أهل النار في النار ، وخلود الآباد فيها ، فإن ذلك يطرد بك إلى ربك نائما ويقظان ، وإياك أن تزل قدمك عن هذا السبيل ، فيكون آخر العهد بك ، ومنقطع الرجاء منك ، والسلام . فلما قرأ كتابه طوى البلاد حتى قدم عليه ، فقال له عمر : ما أقدمك ؟ قال : خلعت قلبي بكتابك ، لا وليت لك ولاية أبدا حتى ألقى اللَّه سبحانه وتعالى . فبكى هارون بكاء شديدا ، ثم قال : زدني يرحمك اللَّه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن جدك العباس رضي اللَّه عنه عم النبي صلى اللَّه عليه وسلم جاءه ، فقال : يا رسول اللَّه أمرني على إمارة ، فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم : « يا عباس يا عم النبي نفس تحييها خير من إمارة تحصيها إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل [4] » . فبكى هارون بكاء شديدا . ثم قال : زدني يرحمك اللَّه ، فقال : يا حسن الوجه أنت الذي يسألك اللَّه عزّ وجلّ يوم القيامة عن هذا الخلق ، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فافعل ، وإياك أن تصبح أو تمسي وفي قلبك غش لرعيتك ، فقد قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : « من أصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة [5] » . فبكى هارون بكاء شديدا ثم قال :
أعليك دين ؟ قال : نعم دين لربي يحاسبني عليه ، فالويل لي إن سألني ، والويل لي إن لم يلهمني حجتي . فقال : هارون إنما أعني دين العباد . فقال : إن ربي لم يأمرني بهذا ، وإنما أمرني أن أصدق وعده ، وأطيع أمره ، فقال [6] تعالى : * ( وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) * فقال له الرشيد : هذه ألف دينار ، خذها فأنفقها على عيالك ، وتقو بها على عبادة ربك . فقال فضيل : سبحان اللَّه أنا أدلك على النجاة



[1] رواه البخاري في الأحكام : 7 . والنسائي في البيعة 39 ، والقضاة : 5 وابن حنبل : 2 / 448 ، 476 .
[2] سالم بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب ، من فقهاء المدينة السبعة . توفي بالمدينة سنة 106 ه - .
[3] محمد بن كعب بن سليم القرظي ، عالم بتفسير القرآن مات سنة 108 ه - . وقيل سنة 117 ه - .
[4] رجاء بن حيوة بن جرول الكندي أبو المقدام ، شيخ أهل الشام في عصره ، لازم عمر بن عبد العزيز وكتب لسليمان بن عبد الملك . مات سنة 112 ه - .
[5] رواه البخاري في الجزية : 5 ، والديات 30 ، والأحكام 8 ، ورواه أبو داود في الترجل : 20 ورواه الترمذي في الطلاق : 11 ، والديات : 11 ، ورواه النسائي في الزينة : 15 .
[6] سورة الذاريات : الآية 56 .

196

نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست