نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري جلد : 1 صفحه : 118
أفاق من غشيته ، رفع رأسه إلى عمه وقال : يا عم لعل هذا الماء الذي رش على وجهي غصب عليه صاحبه ، فقال المعتصم : ويحكم أما ترون ما يتهجم به علي هذا وقرابتي من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ؟ لا رفعت السوط عنه حتى يقول القرآن مخلوق . ثم التفت إلى أحمد وأعاد عليه القول ، فرد أحمد كالأول . فلم يزل كذلك حتى ضجر وطال المجلس فعند ذلك قال : عليك لعنة اللَّه ، لقد كنت طمعت فيك قبل هذا ، خذوه اخلعوه اسحبوه فأخذ وسحب ثم خلع . ثم قال المعتصم : السياط . قال الإمام أحمد : وكان عندي شعرات من شعر النبي صلى اللَّه عليه وسلم ، قد صررتها في كم قميصي فجاء بعض القوم إلى قميصي ليحرقه فقال له المعتصم : لا تحرقوه وانزعوه عنه وإنما درىء عن القميص الحرق ببركة شعر النبي صلى اللَّه عليه وسلم . وشدوا يديه فتخلعت . ولم يزل أحمد يتوجع منها حتى مات . ثم قال المعتصم للجلادين : تقدموا ونظر إلى السياط ، فقال : ائتوا بغيرها ثم قال لأحدهم : أذمه [1] وأوجع قطع اللَّه يدك : فتقدم وضربه سوطين ، ثم تنحى . ثم قال لآخر : أذمه وشد قطع اللَّه يدك ، فتقدم وضربه سوطين ، ثم تنحى . ولم يزل يدعو رجلا رجلا فيضربه كل واحد سوطين ويتنحى . ثم قال المعتصم وجاءه ، وهم محدقون به ، وقال : يا أحمد تقتل نفسك : أجبني حتى أطلق غلك بيدي وجعل بعضهم يقول له : يا أحمد إمامك على رأسك قائم فاجبه ، وعجيف ينخسه بالسيف ، ويقول أتريد أن تغلب هؤلاء كلهم ، وبعضهم يقول : يا أمير المؤمنين اجعل دمه في عنقي ، فرجع المعتصم إلى الكرسي ، ثم قال للجلاد : أذمه قطع اللَّه يدك ثم جاء المعتصم إليه ثانيا ، وقال : يا أحمد أجبني : فقال كالأول . فرجع المعتصم وجلس على الكرسي ، ثم قال للجلاد : شد عليه قطع اللَّه يدك . قال أحمد : فذهب عقلي فما عقلت إلا وأنا في حجرة مطلق عني . وكل ذلك وهو صائم لم يفطر رضي اللَّه تعالى عنه . وضرب ثمانية عشر سوطا ، فلما كان في أثناء الضرب ، انحلت وزرته فهمهم بشفتيه ، فخرجت يدان فربطتاها . فسئل عن ذلك بعد اطلاقه . فقال : قلت أللهم إن كنت على الحق فلا تفضحني . ثم وجه المعتصم رجلا ينظر الضرب والجراحات ويعالجه ، فنظر إليه وقال : واللَّه لقد رأيت من ضرب ألف سوط ، فما رأيت ضربا أشد من هذا . ثم عالجه وبقي أثر الضرب بينا في ظهره إلى أن مات رحمة اللَّه تعالى عليه . وقال صالح : سمعت أبي يقول : واللَّه لقد أعطيت المجهود من نفسي ، ولوددت أني أنجو من هذا الأمر كفافا لا علي ولا لي . وحكي أن الشافعي رضي اللَّه تعالى عنه ، لما كان بمصر ، رأى في المنام سيد المرسلين صلى اللَّه عليه وسلم ، وهو يقول له : بشر أحمد بن حنبل بالجنة ، على بلوى تصيبه فإنه يدعى إلى القول بخلق القرآن فلا يجب إلى ذلك ، بل يقول هو منزل غير مخلوق . فلما أصبح الشافعي رضي اللَّه تعالى عنه ، كتب صورة ما رآه في منامه ، وأرسله مع الربيع إلى بغداد إلى أحمد فلما وصل بغداد ، قصد منزل أحمد واستأذن عليه فأذن له ، فلما دخل عليه قال له : هذا كتاب أخيك الشافعي ، فقال له : هل تعلم ما فيه ؟ قال : لا ففتحه وقرأه وبكى . وقال ما شاء اللَّه لا قوة إلا باللَّه . ثم أخبره بما فيه ، فقال : الجائزة ، وكان عليه قميصان أحدهما على جسده ، والآخر فوقه . فنزع الذي على جسده ودفعه