نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري جلد : 1 صفحه : 108
لأجل استخفافه بالدين وشربه الخمر ، واشتهاره بالفسق . فهم هشام بقتله ففر منه وصار لا يقيم بأرض خوفا من هشام ، فلما كانت الليلة التي قدم عليه البريد في صبيحتها بالخلافة ، قلق تلك الليلة قلقا شديدا فقال لبعض أصحابه : ويحك إنه قد أخذني الليلة قلق فاركب بنا حتى ننبسط ، فسارا مقدار ميلين وهما يتحدثان في أمر هشام وما يتعلق به من كتبه إليه بالتهديد والوعيد ، ثم نظرا فرأيا من بعد رهجا وصوتا ، ثم انكشف ذلك عن برد يطلبونه ، فقال لصاحبه : ويحك إن هذه رسل هشام ، اللهم اعطنا غيرهم ، فلما قرب البرد منهما وأثبتوا الوليد معرفة ، ترجلوا وجاؤوا فسلموا عليه بالخلافة فبهت ، وقال : ويحكم أمات هشام ؟ قالوا : نعم ، ثم أعطوه الكتب فقرأها وسار من فوره إلى دمشق ، فأقام في الخلافة سنة واحدة ، ثم أجمع أهل دمشق على خلعه وقتله ، لاشتهاره بالمنكرات وتظاهره بالكفر والزندقة . قال الحافظ ابن عساكر وغيره : انهمك وليد في شربه الخمر ولذاته ، ورفض الآخرة وراء ظهره ، وأقبل على القصف واللهو والتلذذ مع الندماء والمغنين ، وكان يضرب بالعود ويوقع بالطبل ويمشي بالدف وكان قد انتهك محارم اللَّه تعالى ، حتى قيل له الفاسق . وكان أكمل بني أمية أدبا ، وفصاحة ، وظرفا ، وأعرفهم بالنحو واللغة والحديث ، وكان جوادا مفضالا . ومع ذلك لم يكن في بني أمية أكثر إدمانا للشراب والسماع ، ولا أشد مجونا وتهتكا واستخفافا بأمر الأمة من الوليد بن يزيد . يقال : إنه واقع جارية له وهو سكران ، وجاءه المأذنون يؤذنونه بالصلاة ، فحلف أن لا يصلي بالناس إلا هي ، فلبست ثيابه وتنكرت وصلت بالمسلمين وهي جنب سكرى . ويقال : إنه اصطنع بركة من خمر وكان إذا طرب ألقى نفسه فيها وشرب منها حتى يبين النقص في أطرافها . وحكى الماوردي ، في كتاب أدب الدين والدنيا ، عنه أنه تفاءل يوما في المصحف فخرج له قوله [1] تعالى : * ( واسْتَفْتَحُوا وخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) * فمزق المصحف وأنشأ يقول : < شعر > أتوعد كل جبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيد إذا ما جئت ربك يوم حشر فقل يا رب مزقني الوليد < / شعر > فلم يلبث إلا أياما يسيرة ، حتى قتل شر قتلة وصلب رأسه على قصره ، ثم على أعلى سور بلده . اه - . وسيأتي هذا أيضا إن شاء اللَّه تعالى في باب الطاء المهملة في الكلام على الطيرة في لفظ الطير وأخباره في مثل هذا كثيرة مشهورة في كتب التواريخ ، فلا نطيل بذكرها . وقد جاء في الحديث : « ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له الوليد ، هو شر من فرعون » . فتأوله العلماء الوليد ابن يزيد هذا . ولما خلعه أهل دمشق بايعوا ابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك ، فقال : من أحضر رأس الوليد فله مائة ألف درهم . وكان الوليد بالبحرة فحصره أصحاب يزيد ، فهم أصحاب الوليد بالقتال ، فنهاهم عن ذلك فانفلوا من حوله ، ثم دخلوا عليه في قصره ، فقال : يوم كيوم عثمان ؟ فقيل له : ولا سواء . فقطع رأسه ، وطيف به في دمشق ونصب على قصره ، ثم على أعلى سور دمشق .