responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 306


فشممتها فذهب عني ما كان بي من الوحشة ، واعتراني الأنس . فقلت : وصية رحمكم اللَّه ، فقالوا : أبى اللَّه أن يحيا بذكره ويأنس به إلا قلوب المتقين ، فمن طمع في غير ذلك فقد طمع في غير مطمع ، وفقنا اللَّه وإياك . ثم ودعوني ومضوا وقد أتى علي حين ، وأنا أرى برد كلامهم في خاطري . وفي كفاية المعتقد ونكاية المنتقد ، لشيخنا اليافعي عن السري أيضا أنه قال : كنت أطلب رجلا صديقا مدة من الأوقات ، فمررت يوما في بعض الجبال ، فإذا أنا بجماعة زمنى وعميان ومرضى ، فسألت عن حالهم فقالوا : ههنا رجل يخرج في السنة مرة فيدعو لهم فيجدون الشفاء ، قال : فمكثت حتى خرج ودعا لهم فوجدوا الشفاء فقفوت أثره فأدركته ، وتعلقت به ، وقلت له : بي علة باطنة فما دواؤها ؟ فقال يا سري خل عني . فإنه غيور وإياك أن يراك تأنس إلى غيره ، فتسقط من عينه ، ثم تركني وذهب . وفي كتاب التوحيد للإمام محمد بن أبي بكر الرازي ، عن الجنيد أنه قال : كنت أسمع السري يقول يبلغ العبد من الهيبة والانس إلى حد لو ضرب وجهه بالسيف لم يشعر به . قال : وكان في نفسي منه شيء حتى بان لي أن الأمر كذلك . انتهى قلت : وذلك لأن الهيبة والأنس فوق القبض والبسط ، والقبض والبسط فوق الخوف والرجاء ، فالهيبة مقتضاها الغيبة والدهش ، فكل هائب غائب حتى لو قطع قطعا لم يحضر من غيبته ، إلا بزوال الهيبة عنه . والأنس مقتضاه الصحو والإفاقة ، ثم إنهم يتفاوتون في الهيبة والأنس ، فأدنى مرتبة في الأنس أنه لو ألقي في لظى ما تكدر أنسه ، لأنه لا يشهد إلا هو ، ولا يعرف إلا هو ، ألا ترى إلى قول السري رحمه اللَّه : يبلغ العبد من الهيبة والأنس إلى حد لو ضرب وجهه بالسيف لم يشعر به ! وذلك لأن الأنس يتولد من السرور باللَّه ، ومن صح له الأنس باللَّه ، استوحش مما سواه ، فهو باق باللَّه فان عن السوى لم ير غيره . ولم يشهد لسواه فعلا فلم ير في الكونين إلا إياه فلا يقع نظره إلا عليه ، ولا بصره إلا على فعله ، وخلقه لأن العارف عرف الصنعة بالصانع ، ولم يعرف الصانع بالصنعة ، فلم ير إلا فعله وخلقه . ولذلك قال الصديق الأكبر أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه : ما رأيت شيئا إلا ورأيت اللَّه قبله . وهذا هو المقام الشريف من التوحيد . واعلم أن العبد لا يذوق حلاوة الأنس باللَّه تعالى ، إلا إذا قطع العلائق ، ورفض الخلائق ، وغاص في الدقائق ، مطلعا على الحقائق . ولا ينبئك مثل خبير . واعلم أن حالتي الهيبة والأنس ، وإن جلتا ، فأهل الحقيقة يعدونهما نقصا لتضمنهما تغير العبد ، فإن أهل التوحيد المتمكنين سمت أحوالهم عن التغير ، فلهم كمال في المحو ، ووجود في العين ولا هيبة لهم ولا أنس ولا علم ولا حس ، وارتقاؤهم عن هذا المقام بالجود والفيض الإلهي . فسبحان من خص برحمته من شاء من عباده .
وقال السري رحمه اللَّه : صحبت رجلا يقال له الوالد سنة لم أسأله عن مسألة ، فقلت له يوما :
ما المعرفة التي ليس فوقها معرفة ؟ فقال : أن تجد اللَّه أقرب إليك من كل شيء ، وأن ينمحي عن سرائرك وظواهرك كل شيء غيره . فقلت له : بأي شيء أصل إلى هذا ؟ فقال : بزهدك فيك ورغبتك فيه سبحانه وتعالى . قال : فكان كلامه سبب انتفاعي بهذا الأمر . توفي السري لست خلون من رمضان ، سنة ثلاث وخمسين ومائتين . وقيل غير ذلك واللَّه أعلم بالصواب .
الخواص :
لا تدخل الجن بيتا فيه الأترج [1] . روينا عن الإمام أبي الحسن ، علي بن الحسن ،



[1] الأترج : ضرب من الحمضيات .

306

نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست