ثم أراد الله تعالى له : أن يكون البلد الفريد ، والرضي في علاقاته الاجتماعية . والفذ الرائع في طاقاته الإيمانية ، والزاخر بالمعطيات الفضلى ، في إخلاص العبادة له تعالى ، ورفض كل شرك ، وعبادة لغيره . وأن يكون الأمثل والأغنى في روافده العاطفية ، والنموذج الحي ، والمتميز في رخائه الاقتصادي . ثم أن يكون بلد الرشاد والهداية والوعي ، بلد الطهر والخير والبركات . نعم . . لقد أراد الإسلام لهذا البلد ، الذي لا يملك شيئاً من مقومات الحياة ، بمختلف مناحيها ، ومجالاتها - أن يكون النموذج الفذ ، والفريد والأسمى ، والمثل الرائد ، الذي تتجسد فيه طموحات الإسلام وأهدافه ، وإنجازه الهائل ، وقدراته الفائقة . ولتتجلى فيه على أكمل وجه وأتمّه آيات الله البيّنات ، وخوارق العادات ، في مجال بناء الإسلام للحضارة وتربية الإنسان . وتحقق فيه دعاء إبراهيم « عليه السلام » : * ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون ) * [1] . وقال تعالى : * ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى