يعلفها علفاً لا يسمنها ، ولا يهزلها من بيت المال [1] . حتى يجد صاحبها . فدلنا ذلك : على مطلوبية أن يتصدى إمام المسلمين لكل ما من شأنه أن يحفظ أموال الناس ، حتى في مثل هذه الأمور . الأبنية الفخمة : وقد يتحرج البعض من إنشاء أبنية فخمة ، وكأنه يرى فيها مظهراً من مظاهر البطر ، أو أنها من مفردات الإسراف المنهي عنه . . غير أن هذه النظرة لا تتلاءم مع ما قصه الله سبحانه علينا من حياة نبي الله سليمان عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام ، فإنه بنى صرحاً ممرداً من قوارير . وهي قبة كان يشرف منها على الجن ، فينظر كيف يعملون [2] . وهذا الصرح هو الذي حسبته ملكة سبأ لجة ، حيث أشبه الماء في شدة صفائه ، وفي حكايته عما وراءه ، قال تعالى : * ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) * [3] . فكان هذا سبب إسلام ملكة سبأ . فلا مانع من السماح لمن يريد أن يبني ما يدخل في هذا النطاق لأغراضٍ معقولة ومقبولة . . فإذا جاز ذلك لنبي الله سليمان « عليه السلام » جاز لغيره إن لم يرد ما يدل على أنه من مختصات ذلك النبي الكريم .
[1] مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 111 وبحار الأنوار ج 41 ص 117 و 118 . [2] علل الشرائع ( ط المكتبة الحيدرية سنة 1385 ه ) ج 1 ص 74 وبحار الأنوار ج 14 ص 137 . [3] الآية 44 من سورة النمل .