شرط السماح بالقعود على الطريق : قال الجاحظ : « كان علي « عليه السلام » بالكوفة قد منع الناس من القعود على ظهر الطريق ، فكلموه في ذلك ، فقال : أدعكم على شريطة . قالوا : وما هي يا أمير المؤمنين ؟ ! قال : غض الأبصار ، ورد السلام ، وإرشاد الضال . قالوا : قد قبلنا ، فتركهم » [1] . ونقول : قد أظهر هذا النص أموراً عديدة ، نذكر منها : ألف : أن المنع من القعود على الطريق كان إجراءً احترازياً يهدف إلى صيانة أخلاق الناس ، والمنع من تبلد المشاعر ، وموت الأحاسيس ، فإن دوام النظر إلى المارة ، والتلذذ بالصور التي تؤخذ عنهم من دون أن يكون ثمة غرض عقلائي ، ومن دون أن يكون ثمة دافع للمشاركة في تحسين تلك الأحوال ، أو في الاستفادة منها بالعودة إلى الذات والتعامل معها على أساس العبرة المستفادة من ذلك النظر - إن ذلك - من شأنه أن يعطي شعوراً لديهم بأن حال الناس صلاحاً وفساداً لا يعنيهم . كما أن ذلك يعطي : أن هؤلاء المتفرجين على الناس ليس لديهم داع للنظر في حال أنفسهم ، بل هم راضون بالحال التي هم فيها وعليها ، ولا رغبة لديهم بالتغيير إلى الأحسن ، أو بالتقليم ، أو التطعيم : وإذا بلغ الأمر بالإنسان