بقضائه . أين المهرب مما هو كائن ، وإنّما نتقلَّب [1] في كفّ الطالب . وإنّما هذه الدنيا سفر ، أهلها لا يحلَّون عقد الرحال إلَّا في غيرها [2] . إنّما بلغتهم فيها بالعوارى [3] . فما أحسن الشكر للمنعم ، والتسليم لمرّ قضاء الحق [4] ، ومن أحقّ بالتسليم لمن فوقه ممن لا يجد مهربا إلَّا إليه [ ولا معوّلا إلَّا عليه ] [5] . فثقوا [6] بالغلبة إذا كانت نيّاتكم أنّ النصر من عند الله . وكونوا على ثقة من درك [7] الطلبة إذا صحّت نيّاتكم . واعلموا أنّ هذا الأمر لا يقوم إلَّا [8] بالاستقامة ، وحسن الطاعة ، وقمع العدوّ ، وسدّ الثغور ، والعدل للرعيّة ، وإنصاف المظلوم . فشفاؤكم عندكم ، والدواء الذي لا داء فيه الاستقامة والأمر بالخير والنهى عن الشرّ ، ولا قوّة إلَّا باللَّه . « أنظروا للرعية ، فإنّها مطعمكم ومشربكم ، ومتى عدلتم فيهم ، رغبوا في العمارة ، فزاد ذلك في خراجكم ، وتبيّن في زيادة أرزاقكم . وإذا [ 25 ] حفتم [9] على الرعيّة زهدوا في العمارة وعطَّلوا أكثر الأرض ، فنقص ذلك من خراجكم ، وتبيّن في نقص أرزاقكم . فتعاهدوا الرعيّة بالإنصاف . وما كان من الأنهار ، والبثوق [10] ، مما نفقته على السلطان ، فأسرعوا فيه قبل أن يكبر [11] . وما كان من ذلك على الرعيّة ، فعجزوا عنه ، فأقرضوهم من بيت مال الخراج ،
[1] . في الطبري : يتقلَّب . [2] . مط : في غير بناء . [3] . جمع العارية . [4] . مط : لمن قضاء الحق . في الطبري : لمن القضاء له . [5] . زيادة من مط والطبري . [6] . مط : فتقوّوا . [7] . الدرك : اسم مصدر من الإدراك : الوصول ، والبلوغ . [8] . لا : غير موجودة في مط . [9] . حاف عليه : جار وظلم . وفي مط : جنفتم . [10] . البثوق : جمع البثق : موضع انبثاق الماء . [11] . الطبري : يكثر .