بإزائها ، أقبل حتى انتهى إليهم ، فقال : - « إنّى قد رأيت جولتكم ، وانحيازكم عن صفوفكم ، تحوزكم الجفاة الطغام [1] ، وأعراب الشام ، وأنتم لهاميم العرب ، والسنام الأعظم ، وعمّار الليل بتلاوة القرآن ، وأهل دعوة الحق إذ ضلّ الخاطئون . فلو لا إقبالكم بعد إدباركم ، وكرّكم بعد انحيازكم ، وجب عليكم ما وجب على المولَّى يوم الزحف دبره ، وكنتم من الهالكين ، ولكن هوّن وجدي ، وشفى بعض أحاح [2] نفسي أنّى رأيتكم بأخرة حزتموهم [3] ، كما حازوكم ، وأزلتموهم عن مصافّهم كما أزالوكم ، تحسّونهم [4] بالسيوف ، يركب أولاهم أخراهم ، كالإبل المطرودة إليهم . فالآن ، فاصبروا ، نزلت عليكم السكينة وثبّتكم الله باليقين وإنّ الفارّ لا يزيد في عمره ولا يرضى ربّه ، [ 3 ] فموت المرء محقّا قبل موجدة [5] الله ، والذلّ اللازم ، والعار الباقي ، واغتصاب الفيء من يده ، وفساد العيش ، خير من الرضا بالتأنيس [6] لهذه الخصال ، والإقرار عليها . » فصبر القوم ، وقتل الفرسان من الجانبين . فقتل ذو الكلاع وعبيد الله بن عمر ، وتنادت ربيعة - حيث انتهى إليها علىّ - بينها : - « إن أصيب علىّ فيكم ، وقد لجأ إليكم ، افتضحتم آخر الدهر ، وتشاءم بكم المسلمون . » وقال لهم شقيق بن ثور : - « يا معشر ربيعة ، لا عذر لكم في العرب إن وصل إلى علىّ فيكم ومنكم