ووقفوا حتى خرج عثمان في من معه ، وخرج إليها من أراد أن يكون معها . واجتمع الناس بالمربد ، وجعلوا يتوثّبون ، واغتصّ المكان بالناس . فتكلَّم طلحة وهو في ميمنة المربد ، وعثمان في زهو [1] ميسرته ، فأنصتوا ، فذكر فضل عثمان ، والبلد ، وما استحلَّوا منه ، وعظَّم ما أتى إليه ، ودعا إلى الطلب بدمه ، وقال في آخر كلامه : - « إنّه حدّ من حدود الله ، فإن فعلتم أصبتم ، وعاد أمركم ، وإن تركتم لم يقم لكم سلطان ، ولم يكن لكم نظام . » فقال من في ميمنة المربد : « صدقا وبرّا » . وقال من في الميسرة : « فجرا وغدرا . قد بايعا ، ثم جاءا يقولان ما يقولان . » وتحاصب الناس ، وتكلَّموا . فتكلَّمت عائشة . وكانت جهيرة الصوت ، فحضّت [ 530 ] على الطلب بدم عثمان والأخذ بالكتاب الذي يدعون إليه . وأقبل جارية بن قدامة السعدي ، فقال : - « يا أمّ المؤمنين ، لقتل عثمان أهون من خروجك من بيتك عرضة للسلاح . فقد كان لك ستر من الله وحرمة : فهتكت سترك ، وأبحت حرمتك ، إنّ من رأى قتالك فهو يرى قتلك . فإن كنت خرجت طائعة فارجعي إلى بيتك ، وإن خرجت كارهة فاستعيني بالناس . » وخرج رئيس كل طائفة ، فتكلَّم فقال بعضهم : - « أمّا أنت يا زبير ، فحوارىّ رسول الله - صلى الله عليه - ، وأمّا أنت يا طلحة فوقيت رسول الله بيدك ، وأرى أمّكما معكما ، فهل جئتما بنسائكما ؟ » قالا : « لا . » قال : « فما أنا منكما . »
[1] . في مط والطبري ( 6 : 3118 ) والكامل ( 3 : 206 ) : « في ميسرته » ، ( بدون « زهو » ) .