قال : « فما أصنع ؟ » قال : « تتقى الله وحده وتطيعه يرشدك ، فإنّ مروان ليس له [ 499 ] عند الناس قدر ، ولا هيبة ، ولا محبّة ، وأراه سيقتلك ، فأرسل إلى علىّ واستصلحه ، فإنّه يعطف عليك ولا يعصى ، وقوله مقبول . » فأرسل عثمان إلى علىّ ، فأبى أن يأتيه وقال : - « قد أعلمته أنّى غير عائد إليه . » ومكث عثمان لا يخرج ثلاثة أيام حياءا من الناس . ثم ذهب عثمان بنفسه حتى أتى عليّا في منزله ليلا ، وجعل يقول : - « إني غير عائد ، وإنّى فاعل ، وإنّى فاعل [1] . » فقال له علىّ : « أبعد ما تكلَّمت به على منبر رسول الله - صلى الله عليه - وأعطيت من نفسك ، وبكيت حتى اخضلَّت لحيتك بالدمع ، وأبكيت الناس ، ودخلت منزلك . وخرج مروان إلى الناس يشتمهم على بابك ، ويتلقّاهم بما يكرهونه ؟ » وانصرف من عند علىّ ، ولم يزل علىّ متنكّبا عنه ، لا يفعل ما كان يفعل ، إلَّا أنّه لما منع الماء وحصر امتعض له وغضب غضبا شديدا ، وكلَّم طلحة وغيره حتى دخلت الروايا إلى عثمان . ولما رأى عثمان ما نزل به وما قد انبعث عليه من الناس كتب إلى معاوية ، وهو بالشام . يسأله أن يبعث له مقاتلة الشام على كلّ صعب وذلول . [ 500 ] فلما جاء معاوية كتابه تربّص ، وكره إظهار مخالفة أصحاب النبي - صلى الله عليه - فلمّا أبطأ نصره على عثمان كتب إلى أهل الشام يستنفرهم ، ويعظَّم حقّه ، ويذكر
[1] . التكرار من النص في « وإنّى فاعل » . ويضيف الطبري هنا : وهو يقول : قطعت رحمي ، وخذلتني ، وجرّأت الناس ، فقلت : [ والقائل علىّ ] والله إنّى لأذبّ الناس عنك ، ولكني كلما جئتك بهنة أظنها لك رضى جاء بأخرى ، فسمعت قول مروان علىّ واستدخلت مروان ( 6 : 2979 ) .