بن ياسر ، فكلَّمه أن يركب مع علىّ ، فأبى . ومضى علىّ في [ 495 ] المهاجرين والأنصار ، وهم ثلاثون رجلا . فكلَّمهم علىّ ومحمد بن مسلمة حتى رجعوا . فلما رجع علىّ إلى عثمان وأعلمه أنهم رجعوا ، وكلَّمه علىّ كلاما كان في نفسه ، وخرج إلى بيته ، مكث عثمان ذلك اليوم حتى إذا كان الغد جاءه مروان بن الحكم ، فقال له : - « تكلَّم ، وأعلم الناس أن أهل مصر علموا أنّ ما بلغهم عن إمامهم كان باطلا ، وقد رجعوا ، فإنّ خطبتك تسير في البلاد قبل أن يتحلَّب [1] الناس عليك من أمصارهم ، فيأتيك أمر لا تستطيع دفعه . » [ فأبى ] [2] عثمان ، ولم يزل به مروان حتى خرج ، فجلس على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : - « أما بعد ، فإنّ هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمر ، فلما تيقّنوا أنه باطل رجعوا إلى بلادهم . » فقال له عمرو بن العاص : - « اتق الله يا عثمان ! فإنّك قد ركبت نهابير [3] وركبناها معك ، فتب إلى الله نتب معك . » فناداه عثمان : « وإنّك هناك يا ابن النابغة قملت جبّتك منذ عزلتك عن العمل . » فنودي من ناحية أخرى : « أظهر [ 496 ] التوبة يا عثمان يكفّ الناس عنك . » ونودى من ناحية أخرى بمثل ذلك . فرفع عثمان يده واستقبل القبلة ، فقال : - « اللَّهمّ إنّى أول تائب إليك . »
[1] . كذا في الطبري ( 6 : 2972 ) . وفي مط : يجتلب . [2] . الأصل مطموس في هذه الكلمة ، فأخذناها من مط . [3] . جمع مفرده نهبور ونهبورة : المهلكة .