قال : « أرى أنك قد لنت لهم ، وأرخيت عنهم ، وزدتهم على ما كان يصنع عمر ، فأرى أن تصنع كما كان يصنع عمر . » فتكلَّم عثمان بكلام ليّن ونفّر ، فشخص معاوية وعبد الله بن سعد ، ورجع ابن عامر وسعيد معه ، وردّ سائر الأمراء إلى أعمالهم . وكان معاوية قد قال لعثمان غداة ودّعه : - « يا أمير المؤمنين ، انطلق معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك من لا قبل لك به ، فإنّ أهل الشام على الأمر ، لم يزولوا . » فقال : « أنا أبيع جوار رسول الله - صلى الله عليه - وإن كان فيه قطع خيط عنقي ؟ » قال : « فأبعث إليك جندا منهم يقيم بين ظهرانىّ أهل المدينة لنائبة إن نابت . » قال : « أنا أقتّر على جيران رسول الله - صلى الله عليه - الأرزاق بجند يساكنهم وأضيّق على دار الهجرة والنصرة ! » قال : « والله يا أمير المؤمنين لتقاتلنّ [1] ، ولتغزينّ . » قال : « حسبي الله ونعم الوكيل . » فقال معاوية : « يا أيسار الجزور ، وأين أيسار الجزور ! » ثم خرج . ثمّ إنّ السبائية كاتبوا أهل الأمصار أن يتوافوا المدينة لينظروا في ما يريدون ، وأظهروا [ 486 ] أنهم يأمرون بالمعروف ، ويسألون عثمان عن أشياء لتطير [2] في الناس ، ولتحقّق عليه . فتوافوا المدينة ، وأرسل عثمان رجلين فقال : - « انظرا [3] ما يريدون ، واعلما علمهم . » فأتياهم وداخلاهم حتى أمنوهما ، فأخبروهما بما يريدون ، فقالا :