قال : « يا أمير المؤمنين ، إن كنت تريد رأينا فاحسم عنّا الداء ، واقطع ما تخاف من الأصل ، واعمل برأيي . » قال : « وما هو ؟ » قال : « إنّ لكلّ قوم قادة متى تهلك تفرّقوا ولا يجتمع لهم أمر . » فقال عثمان : « إنّ هذا الرأي لولا ما فيه . » ثم أقبل على معاوية ، فقال : « ما رأيك ؟ » قال : « رأيي يا أمير المؤمنين أن تردّ عمّالك على [ 476 ] الكفاية لما قبلهم ، وأنا ضامن لما قبلي . » ثم أقبل على عبد الله بن سعد ، فقال : « ما رأيك ؟ » قال : « يا أمير المؤمنين ، الناس أهل طمع ، فأعطهم من هذا المال تعطف عليك قلوبهم . ثم أقبل على عمرو بن العاص ، فقال : « ما رأيك ؟ » قال : « أرى أنك قد ركبت الناس بما يكرهون فاعتزم أن تعتزل ، فإنّك قد ولَّيت الناس بنى أميّة وحملتهم على أرقابهم ، فاعتزل ، فإن أبيت فامض قدما . » فقال له عثمان : « مالك ، قمل فروك مذ عزلتك ، أهذا الجدّ منك ؟ » فسكت عنه عمرو حتى إذا تفرّق القوم قال عمرو : - « لا والله يا أمير المؤمنين ، لأنت أعزّ علىّ من ذلك ، ولكن قد علمت أنّ الناس قد علموا أنّك جمعتنا لتستشيرنا ، وسيبلغهم قول كلّ رجل منّا . فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا [1] بي لأقود إليك خيرا ، وأدفع عنك شرّا . » فردّ عثمان عمّاله على أعمالهم ، وأمرهم بالتضييق على من قبلهم ، وأمرهم بتجمير [2] الناس في البعوث ، وعزم على تحريم أعطياتهم ليطيعوه ويحتاجوا إليه .
[1] . مط : فيتقونى . [2] . كذا في الطبري : بتجمير الناس ( 6 : 2934 ) مط : بتجهيز الناس وكذلك ابن الأثير : بتجهيز الناس ( 3 : 150 ) . والأصل غير واضح .