وإذا هو على سرير من ذهب ، على رأسه التاج . قال : فمضيت كما أنا ، ونكّست رأسي . فدفعت ، ونهيت . فقلت : « الرسل لا يفعل بهم هذا ! » [ 425 ] فقالوا : « إنّما أنت كلب . » فقلت : « معاذ الله ، لأنا في قومي أشرف من في قومه » . فانتهرونى وقالوا : - « اجلس ! » . فأجلسونى ، ثم قال - وترجم لي قوله - : - « إنّكم معشر العرب أبعد الناس من كلّ خير ، أطول الناس جوعا ، وأشقاهم شقاء ، وأقذرهم قذرا ، وأبعدهم دارا ، وما منعني أن آمر هؤلاء الأساورة حولي أن ينتظموكم من النشاب بمثل شوك القنفذ ، إلَّا تنجّسا لجيفكم ، فإنّكم أرجاس . فإن تذهبوا نخلّ عنكم ، وإن تأبوا ، نركم مصارعكم . » قال : فحمدت الله وأثنيت عليه ، ثمّ قلت : - « والله ، ما أخطأت من صفتنا شيئا . إن كنّا لكذلك ، حتى بعث الله إلينا رسولا ، فوعدنا النصر في الدنيا ، والجنّة في الآخرة . فواللَّه ما زلنا نتعرّف من ربّنا ، منذ جاء رسوله ، الفتح والنصر حتى أتيناكم . وإنّا والله لا نرجع إلى ذلك الشقاء أبدا ، حتى نغلبكم على ما في أيديكم ، أو نقتل بأرضكم . » فقال : « والله لقد صدقكم الأعور ما في نفسه . » فقمت [ 426 ] وقد أرعبت العلج . فأرسل إلينا العلج : - « إمّا أن تعبروا إلينا ، وإما أن نعبر إليكم . »