- « أين صاحبك ؟ » قال : « رميت به تحت أبغل كانت هنالك . » قال : « اذهب ، وجئ به . » فأمضى له سلبه . وبعث زهرة بن الحويّة [1] يتبع الجالنوس ومن لحق به ، وأمر القعقاع بمن سفل ، وشرحبيل بمن علا . وأمر بدفن الشهداء . فخرج زهرة بن الحويّة في آثارهم . فلمّا انتهى إلى الردم وجده مبثوقا ، ليمنعوهم من الطلب . فقال زهرة : - « يا بكير - وكان معه - أقدم فرسك ! » وكان بكير يقاتل على الإناث ، وقال : - « ثبى أطلال ! » فتجمّعت ووثبت . وأوثب زهرة فرسه [ 378 ] - وكان على حصان - فاتبعه وتتابع على ذلك ثلاثمائة فارس . ونادى زهرة حين كاعت [2] الخيل : - « خذوا أيها الناس على القنطرة فعارضونا ! » ففعل الناس ذلك ومضى زهرة ، فلحق الفرس ، وقد نزلوا الخرّارة وطمعوا ، وهم يتعجّبون من رميهم وأنّه لم يعمل في العرب . وكان الجالنوس قد رفع له كرة [3] ، فهو يرميها ويشكّها بالنشّاب . فشدّ زهرة على الجالنوس ، فقتله ، وانهزمت الفرس . وقد قيل : إنّ الجالنوس كان راكبا يحمى الفرس حين لحقهم زهرة ، فشاوله ، واختلفا ضربتين سبقه زهرة ، فقتله . وأمّا القعقاع وشرحبيل فإنّهما خرجا في طلب من ارتفع وسفل ، فقتلوهم في كلّ قرية وأجمة وشاطئ نهر ، وراجعوا . فتوافوا عند صلاة الظهر ، وهنّأ الناس
[1] . في الطبري : الحويّه ( 5 : 2338 ) . مط : الجويّه . [2] . كاعت الخيل : مشت وتمايلت على أكواعها . من شدّة الحرّ ، أو لأنها عقرت . الكاع : طرف الزند الذي يلي الإبهام . [3] . وفي الطبري : الكرة وفي حواشيه : الكرّة ( 5 : 2342 ، 2357 ) .