وقال المثنى : - « لا تأخذوا إلَّا الذهب [ 347 ] والفضة والحرّ من كل شيء . » ثمّ انكفأ راجعا حتى نزل بنهر السّيلحين [1] بالأنبار ، فسمع همسا في ما بين الناس : - « ما أسرع القوم في طلبنا . » فخطبهم وقال : « أيها الناس ، احمدوا الله وتناجوا بالبرّ والتقوى ، ولا تناجوا بالإثم والعدوان ، [2] انظروا في الأمور وقدّروها ، ثم تكلَّموا . ما بلغ النذير مدينتهم بعد ، ولو بلغهم لحال الرعب بينهم وبين طلبكم إنّ للغارات روعات تنتشر عليها يوما إلى الليل . ولو طلبكم المحامير من رأى العين ما أدركوكم وأنتم على العراب ، حتى تنتهوا إلى عسكركم وجماعتكم ، ولو أدركوكم لقاتلتهم ورجوت النصر والأجر . فثقوا باللَّه ، وأحسنوا به الظنّ ، فقد نصركم الله عليهم في مواطن كثيرة وهم أعدّ منكم ، وسأخبركم عنّى أنّ أبا بكر أوصانا أن نقلَّل العرجة ونسرع الكرّة في الغارات » . ثمّ أقبل بهم ومعهم الأدلَّاء حتى انتهى بهم إلى الأنبار . ثمّ إنّ المثنى أغار على حىّ من تغلب على دجلة ، وعلى قوم كانوا بتكريت ، وأصابوا ما شاؤوا [ 348 ] من النعم .
[1] . السيلحين : طسوج قرب بغداد بينه وبينها ثلاثة فراسخ . وقرية وراء عقرقوف تسميها العامة « الصالحين » وهي التي بات بها المثنى بن حارثة ، وصبح فأغار على سوق بغداد ( مع ) . [2] . انظر : س 58 المجادلة : 9 .