فقال له : - « إن أنت قدرت أن تغير عليهم وهم لا يشعرون ، أصبت فيها مالا فيه غنى المسلمين دهرهم وقووا على أعدائهم أبدا . » قال : « وكم بينها وبين مدائن كسرى ؟ » [ 346 ] قال : « بعض يوم أو عامّة يوم . » قال : « فكيف لي بها ؟ » قالوا : نشير عليك أن تأخذ طريق البرّ حتى تنتهي إلى الخنافس ، فإنّ أهل الأنبار يضربون إليها ويخبرونك فيأمنون ، وتأخذ دهاقين الأنبار بالأدلَّاء ، وتسير سواد ليلتك حتى تأتيهم صبحا ، فتصبّحهم غارة . » ففعل المثنى ذلك ، فلما انتهى إلى الأنبار ، تحصّن منه صاحبها وهو لا يدرى من هو ، وذلك ليلا . فلمّا عرفه نزل إليه ، فأطعمه المثنى واستكتمه وسأله الأدلَّاء إلى بغداد حتى يعبر منها إلى المدائن . قال : « أنا أجيء معك . » قال : لا أريدك معي ، ابعث معي من هو أدلّ منك . » فزوّدهم الأطعمة والأعلاف ، وبعث معهم الأدلَّاء ، فساروا . فلما كانوا بالنصف ، قال المثنى : - « كم بيني وبين هذه القرية بغداد ؟ » قال : « خمسة فراسخ . » فندب من أصحابه جماعة للحرس ، وبعث طلائع فحسبوا الناس لئلَّا يسبق الخبر وقال : - « أيّها الناس ، أطعموا وتوضّئوا وتهيّئوا . » ثم سرى آخر الليل فصبّحهم في أسواقهم ، فوضع فيهم السيف ، فأخذوا ما شاؤوا .