وقدم على عمر غزاة بنى كنانة ، والأزد ، فأمّر على بنى كنانة غالب بن عبد الله ، وعلى الأزد عرفجة بن هرثمة ، وأمرهم بالعراق . فقدموا على المثنى ، وقدم عليه هلال بن علَّفة فيما اجتمع إليه من الرياب [1] . فأمره عمر وسرّحه ، فقدم على المثنّى ، وكذلك فعل بغزاة كلّ قبيلة من جشم وخثعم وبنى حنظلة وبنى ضبّة وغيرهم . فاجتمعوا عند المثنى . واجتمع رستم والفيرزان معا ، واستأذنا بوران - وكذلك كانا يعملان إذا أرادا شيئا استأذنا من حجّابها فكلَّماها به - فأخبراها بعدد الجيش وكثرة الذين ينفذون مع مهران ، وكانت فارس لا تكثر البعوث . فقالت بوران : « ما بال فارس لا يخرجون إلى العرب كما كانوا يخرجون قبل اليوم ؟ » قالا : « إنّ الهيبة كانت قبل اليوم مع عدوّنا وإنّها اليوم فينا . » فعرفت رأيهم واستصوبته . ولما نزل مهران في جنده وراء الفرات - والفرات بينهما - قال : - « إمّا أن تعبروا إلينا ، وإمّا أن نعبر إليكم . » فقال المسلمون : « اعبروا إلينا . » فعبروا ، وأقبلوا إلى المسلمين [ 342 ] في صفوف ثلاثة مع كلّ صفّ فيل ، ورجلهم أمام فيلهم ، وجاؤا لهم زجل . فقال المثنى للمسلمين : - « إنّ هذا الزجل وجل ! » قالوا : « أجل . »
[1] . مط : الرياب . وفي الطبري أيضا الرباب . وكان مجراه إلى موضع دار صالح بن علي بالكوفة ، ومصبه في الجوف العتيق ، وكان مغيضا للفرات أيام المدود ليزيدوا به الجوف تحصينا ، وقد كانوا فعلوا ذلك الجوف حتى كانت السفن ترفأ إلى الجوف ( يا ) .