مريضا مرضه الذي مات فيه ، فأخبره الخبر . فدعا أبو بكر عمر - وكان قد عقد له - فقال : - « يا عمر ، اسمع ما أقول لك ، ثم اعمل عليه . إنّى أظنّ أن أموت من يومى هذا - وذلك يوم الاثنين - فإن أنا متّ ، فلا تمسينّ حتى تندب الناس مع المثنى ، ولا تشغلنّكم مصيبة - وإن عظمت - عن أمر دينكم ، ووصية ربّكم ، وقد رأيتني متوفّى [1] رسول الله - صلى الله عليه - وما صنعت ، ولم يصب الخلق بمثله . وباللَّه لو أنّى أنى عن أمر الله لخذلنا ولاضطرمت المدينة نارا . وإن فتح الله على أمرائنا فاردد أصحاب خالد إلى العراق ، فإنّهم أهله وولاة حدّه ، وأهل الضراوة بهم ، والجرأة عليهم . » ومات أبو بكر رضي الله عنه مع الليل ، وندب عمر الناس مع المثنى . وقال عمر : - « كأنّ أبا بكر علم أنّه يسوءنى أن أؤمّر خالدا على العراق حين أمرني بصرف أصحابه ، وترك ذكره . » وتشاغل أهل فارس فيما بينهم عن إزالة المسلمين عن السواد فيما بين خلافة أبى بكر إلى قيام عمر ، ورجوع [ 323 ] المثنى مع أبي عبيد [2] إلى العراق ، وكان جمهور جند العراق بالحيرة بالسيب [3] والغارات تنتهي بهم إلى شاطئ دجلة ، ودجلة حجاز بين العرب والعجم .
[1] . أي : حين توفى رسول الله . [2] . وقد وردت هذه الكنية بكلا الوجهين : ( « أبو عبيد » ، أبو عبيدة » ) في مواضع من النصّ . [3] . كورة من سواد الكوفة ، وهما سيبان : الأعلى والأسفل من طسّوج سورا عند قصر ابن هبيرة ( يا ) .