والخنازير ، ولست أقابلك إلَّا بهم . » فأجابه المثنّى : « من المثنّى إلى شهربراز ، إنّما أنت أحد الرجلين : إما باغ ، فذلك شرّ لك وخير لنا ، وإمّا كاذب ، فأعظم الكاذبين فضيحة وعقوبة عند الله والناس الملوك ، وأمّا الذي يدلَّنا عليه الرأي ، فانّكم إنّما اضطررتم إليه ، فالحمد للَّه الذي ردّ كيدكم إلى رعاة الدجاج [ 321 ] والخنازير . » فلمّا وقف الفرس على كتابه جزعوا وقالوا : - « إنّما أتى شهربراز من لؤم منشأته [1] . » وقالوا له : « جرّأت علينا عدوّنا بما كتبت إليه ، فإذا كاتبت أحدا فاستشر . » ثمّ التقوا ببابل ، فاقتتلوا بعدوة الصراة [2] الدنيا قتالا شديدا . ثمّ إنّ المثنى وناسا من المسلمين اعتوروا الفيل ، وكان يفرّق بين الصفوف والكراديس ، فأصابوا مقتله ، فقتلوه ، وهزموا أهل فارس واتّبعهم المسلمون يقتلونهم حتّى جازوا بهم مسالحهم ، وطلبوا الفلّ [3] حتّى بلغوا المدائن . ومات شهربراز منهزم [4] هرمز جاذويه ، واختلف أهل فارس بعده ، وأبطأ خبر أبي بكر على المسلمين لمرضه . فخرج المثنى نحو أبى بكر ليخبره خبر المسلمين ويستأذنه في الاستعانة بمن ظهرت توبته من أهل الردّة - وكان أمر أبو بكر ألَّا يستعان بهم - وليخبره أنّه لم يخلَّف أحدا أنشط لقتال فارس ومعونة المهاجرين منهم . فقدم المدينة واستخلف على عسكره بشير بن الخصاصيّة [5] [ 322 ] فوجد أبا بكر - رضي الله عنه -
[1] . مط : « متشابه » . [2] . انظر الطبري ( 4 : 2117 ) . [3] . الفلّ : المنهزم ، للواحد والجمع . انظر الطبري ( 4 : 18 - 2117 ) . [4] . أي وقت انهزام هرمز . انظر أيضا الطبري ( 4 : 2119 ) . [5] . الأصل : غير واضح . مط : الحصافة . وما أثبتناه يؤيده الطبري ( 4 : 2120 ) .