تدخل كل واحد منهما وحشة من صاحبه في طعامه وشرابه ، ومتى تداينا [1] بالتهمة ، يتّخذ كلّ واحد منهما [ أحبّاء وأخدانا وأهلا ، ثم يدخل كلّ واحد منهما ] [2] وغر [3] على أحبّاء صاحبه . ثم تنساق الأمور إلى هلاك أحدهما لما لا بدّ منه من الفناء ، فتفضى الأمور إلى الآخر وهو حنق على جيل من الناس ، يرى أنه موتور إن لم يحرمهم ويضعهم ، وينزل بهم التي كانوا يريدون إنزالها به لو ولوا . فإذا وضع بعض الرعية وأسخط بعضا على هذه الجهة ، [ 114 ] تولَّد من ذلك ضغن وسخط من الرعيّة ، ثم ترامى ذلك إلى بعض ما أحذر عليكم بعدي . ولكن ليختر الوالي منكم للَّه ، ثم للرعيّة ، ثم لنفسه ، وليّا للعهد من بعده ، ثمّ ليكتب اسمه في أربع صحائف ، فيختمها بخاتمه ، فيضعها عند أربعة نفر [4] من خيار أهل المملكة . ثم لا يكوننّ [5] منه في سرّ ولا في علانية أمر يستدلّ به على ولىّ ذلك العهد ، لا في إدناء وتقريب يعرف به ، ولا في إقصاء وتنكّب يستراب له ، وليتّق ذلك في اللحظة والكلمة . فإذا هلك ، جمعت تلك الكتب التي عند الرهط الأربعة ، إلى النسخة التي عند الملك ، ففضضن جميعا ، ثم نوّه بالذي وضع اسمه في جميعهن . فيلقى الملك - إذا لقيه - بحداثة عهده بحال السوقة [6] ، فلبس ذلك الملك - إذا لبسه - ببصر السوقة ، وسمعها ، ورأيها . فإنّ في سكر السلطان الذي
[1] . تداينا : تحاكما . [2] . زيادة من غ . [3] . الوغر والوغر : الحقد والضغن والعداوة . [4] . النفر : الجماعة من الرجال من ثلاثة إلى عشرة أنفار . ويقال : ثلاثة نفر ، أو : ثلاثة أنفار . [5] . في الأصل : لا يكون . ونون التأكيد من غ . [6] . السوقة للمفرد والجمع : الرعية ، ويقال للجمع : سوق كغرف .