وحرمتم وأخفتم وصغّرتم من سفلة [1] الناس والرعيّة وحشو العامّة ، ولم يجتمع [2] رئيس في الدين مسرّ ، ورئيس في الملك معلن ، في مملكة واحدة قطَّ ، إلَّا انتزع الرئيس في الدين ما في يد الرئيس في الملك ، لأنّ الدين أسّ والملك عماد ، وصاحب الأسّ أولى بجمع [3] البنيان من صاحب العماد . - « وقد مضى قبلنا ملوك كان الملك منهم يتعهد الجملة بالتفسير [4] والجماعات بالتفصيل [5] ، والفراغ بالأشغال ، كتعهّده جسده بقصّ فضول الشعر والظفر وغسل الدرن والغمر [6] ومداواة ما ظهر من الأدواء وما بطن . وقد كان من أولئك الملوك من صحّة ملكه أحبّ إليه من صحّة جسده ، وكان بما يخلَّفه من الذكر [ الجميل [7] ] المحمود ، أفرح وأبهج منه بما يسمعه بأذنه في حياته . فتتابعت تلك الأملاك بذلك كأنهم ملك واحد ، وكأنّ أرواحهم روح واحدة ، يمكّن أوّلهم لآخرهم ، ويصدّق آخرهم أوّلهم بجميع أنباء أسلافهم ، ومواريث آرائهم [8] ، وصياغات عقولهم ، عند الباقي منهم بعدهم ، فكأنّهم جلوس [ 104 ] معه ، يحدّثونه ، ويشاورونه [9] ، حتى كان على رأس دارا بن دارا ما كان ، وغلبة [10] الإسكندر على ما غلب [11] من ملكنا . فكان إفساده أمرنا ، وتفريقه جماعتنا ، وتخريبه عمران مملكتنا ، أبلغ له في ما أراد من سفك دمائنا . فلمّا أذن الله في
[1] . السّفلة والسّفلة من الناس : أسافلهم وغوغاؤهم . [2] . غ : واعلموا أنه لن يجتمع . [3] . غ : بجميع . [4] . ر . بالتفتيش . [5] . مط : والجماعة بالتحصيل . [6] . الغمر : الحقد والغلّ . نتن العرق . [7] . زيادة من غ . [8] . غ : آبائهم . [9] . غ : ويشاورهم . [10] . غ : من غلبة . [11] . غ : غلب عليه .