المسلمين حدّا ، وخافوا أن يطول أمرهم . ذكر آراء صحّ أحدها على طريق المكيدة حتى إذا كان ذات يوم في جمعة من الجمع ، تجمّع أهل الرأي من المسلمين ، فتكلَّموا ، وأتوا النعمان ، وقالوا : « نراهم بالخيار والقوّة » [1] . وهو يروّى فيما روّوا فيه . فقال : - « على رسلكم ، لا تبرحوا » . وبعث إلى من بقي من أهل النجدات [ 428 ] والرأي في الحرب ، فتوافوا إليه . فتكلَّم النعمان فقال : - « قد ترون المشركين واعتصامهم بالحصون من الخنادق والمدائن ، وأنّهم لا يخرجون إلَّا إذا شاؤوا ، ولا يقدر المسلمون على إنغاضهم وابتعاثهم قبل مشيئتهم ، وقد ترون الذي فيه المسلمون من التضايق الذي هم فيه وعليه من الخروج . فما الرأي الذي به نحمشهم [2] ونستخرجهم إلى المنابذة وترك التطويل ؟ » فتكلَّم عمرو بن أبي سلمى وكان أسنّ القوم ، فقال : - « التحصّن أشدّ عليهم من المطاولة عليكم ، فدعهم ولا تحرجهم وطاولهم وقاتل من أتاك منهم . » فردّوا جميعا رأيه ، وقالوا : - « إنّا على يقين من إنجاز ربّنا وعده لنا . » وتكلَّم عمرو بن معدى كرب ، فقال :
[1] . كذا في مط ، وفي الأصل : « ألقوه » وهو تصحيف . [2] . أي : نغضبهم ونهيجهم .