الذي فتح دمشق بيت المملكة . وكان من حديثه أن عمر كاتب المسلمين عندما هزموا الروم باليرموك : أن يقصدوا لدمشق ، فانّها مقرّ عزّ الروم ، وأن يشغلوا أهل فحل [1] وفلسطين ، وأهل حمص بخيل تكون بإزائهم . فإن فتحها الله قبل دمشق فذاك ، وإن تأخّر فتحها حتى تفتح دمشق ، فلينصرف أبو عبيدة وخالد إلى حمص ، وعمرو إلى فلسطين . وكان أبو عبيدة بعث ذا الكلاع ليكون بين دمشق وحمص ردءا . ففعل أبو عبيدة كما أمره ، وقدّم خالدا - وهرقل يومئذ بحمص - فحاصر أهل دمشق حصارا شديدا نحوا من سبعين ليلة ، وقاتلوهم بالمجانيق وهم معتصمون بالمدينة ، يرجون الغياث من هرقل . وجاءت خيول هرقل مغيثة لأهل دمشق ، فأشجتها خيول ذي الكلاع وشغلتها عن الناس . فلمّا أيقن أهل [ 326 ] دمشق أنّ الأمداد لا تصل إليهم فشلوا ، وطمع فيهم المسلمون ، وكانوا يرون أنّها كالغارات قبل ذلك إذا هجم البرد قفل [2] الناس ، فسقط النّحم [3] والقوم مقيمون . فعند ذلك انقطع رجاؤهم وندموا على دخول دمشق . اتّفاق جيّد للمسلمين وكان من الاتّفاق الجيّد للمسلمين : أن ولد للبطريق الذي على أهل دمشق مولود . فصنع طعاما ، فأكل القوم وشربوا ، وغفلوا عن مواقفهم ، ولا يشعر بذلك أحد من المسلمين إلَّا ما كان من خالد ، فإنّه كان لا ينام ولا ينيم ، ولا يخفى عليه
[1] . فحل : موضع بالشام ، كانت للمسلمين مع الروم به وقعة ، قتل فيها ثمانون ألفا من الروم ، وهي مشهورة . وتسمى « يوم فحل » ، كما تسمّى « يوم الردغة » و « يوم بيسان » ( مع ) . [2] . مط : فقتل في الناس . وفي الطبري أيضا : قفل ( 4 : 2152 ) . [3] . النحم : السعال . سقط النحم : أقبل . وهذا من قولهم : « سقط الحرّ أو البرد » : أقبل ( مو ) . وفي الطبري : النجم ( نفس الصفحة ) . في مط : فقتل فسقط العجم ( ! ) .