شيء من أمورهم ، عيونه ذاكية ، وجواسيسه مفرّقة ، وهو معنىّ بما يليه . وكان كل جانب من المدينة إلى قوم . وكان قد اتّخذ خالد حبالا كهيئة السلاليم وأوهاقا . فلمّا أمسى ذلك اليوم وعرف خبر القوم نهد هو ومن معه من جنده الذين قدم بهم ، وتقدّمهم هو والقعقاع بن عمرو ومذعور بن عدىّ [ 327 ] وأمثاله من أصحابه في أوّل نومه وقالوا : - « إذا سمعتم تكبيرنا على السور فارقوا إلينا وانهدوا للباب . » فلما انتهى إلى الباب الذي يليه هو وأصحابه المتقدمون ، رموا بالحبال الشّرف وعلى ظهورهم القرب التي قطعوا بها خندقهم . فلما ثبت لهم وهقان تسلَّق فيهما القعقاع ومذعور . ثم لم يدعا أحبولة إلَّا أثبتاها والأوهاق بالشّرف ، وكان المكان الذي اقتحموا منه أحصن مكان بدمشق ، أكثره ماء وأشدّه مدخلا . ولم يبق ممن خرج مع خالد تلك الليلة أحد إلَّا رقى أو دنا من الباب ، حتى إذا استووا على السور حدر عامة أصحابه وانحدر معهم ، وخلَّف من يحمى ذلك المكان لمن يرتقى ، وأمرهم بالتكبير . فكبّر الذين على السور ، فنهد المسلمون إلى الباب ، ومال إلى الحبال بشر كثير فوثبوا فيها . وانتهى خالد إلى أوّل من يليه ، فأنامهم ، وانحدر إلى الباب ، فقتل البوّابين ، وثار أهل المدينة ، وفزع سائر الناس ، فأخذوا مواقفهم ولا يدرون [ 328 ] ما الشأن ، وتشاغل كل ناحية بما يليهم ، وقطع خالد بن الوليد ومن معه أغلاق الباب بالسيوف ، وفتحوا للمسلمين ، فأقبلوا عليهم من داخل ، حتى ما بقي مما يلي باب خالد مقاتل إلَّا أنيم . ولما شدّ خالد على من يليه ، وبلغ منهم ما أراد عنوة ، وأرز [1] من أفلت إلى أهل الأبواب التي تلى غيره ، دعوا المسلمين إلى الصلح . فأجابوهم وقبلوا منهم ولا يدرون بما كان من خالد . ففتحوا لهم الأبواب وقالوا :