وخرج حتّى أتى غطفان . فقال : - « يا معشر غطفان ! أنتم أصلى وعشيرتي ، وأحبّ الناس إلىّ ، ولا أراكم تتّهمونى . » قالوا : « صدقت . » قال : « فاكتموا علىّ . » قالوا : « نفعل . » ثمّ قال لهم مثل ما قال لقريش ، وحذّرهم مثل ما حذّرهم . اتّفاق جيّد فكان من الاتّفاق الجيّد [ 277 ] أن أرسل بعد ذلك أبو سفيان ورؤوس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان . فقال لهم : - « إنّا لسنا بدار مقام ، وقد هلك الخفّ والحافر [1] ، فاغدوا [2] للقتال حتّى نناجز محمدا ونفرغ ممّا بيننا وبينه . » فأرسلوا إليه : - « إنّ اليوم السبت - وكان اتّفق ذلك - وهو يوم لا نعمل فيه شيئا ، ومع ذلك فلسنا نقاتل معكم حتّى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتّى نناجز محمدا ، فإنّا نخشى - إن ضرستكم الحرب واشتدّ عليكم القتال - أن تشمّروا إلى بلادكم ، وتتركونا والرجل في بلدنا ، ولا طاقة لنا بذلك من محمد . » فلمّا رجعت الرسل بالذي قالت بنو [3] قريظة ، قالت قريش وغطفان : - « والله إنّ الذي حدّثكم نعيم بن مسعود لحقّ . » فأرسلوا إلى بن قريظة : - « إنّا والله ما ندفع إليكم رجلا واحدا من رجالنا . فإن كنتم تريدون القتال فأخرجوا فقاتلوا . »
[1] . الخفّ والحافر : الإبل والخيل ( لع ) . [2] . في الأصل : « فأعدّوا » في مط والطبري : فاغدوا . [3] . « بنو » : سقطت من الأصل ومط .