فتواضع له أبرويز وقال : - « عمّرك الله أيّها الملك ، إنّ المارق بهرام قد أظلَّنا [1] ومعه الشجاعة والنجدة ، ولسنا نقدر أن نمدّ يدا إلى من أتى إليك ما أتى ، فإنّهم وجوه أصحابك . ولكن إن أدالنى الله من المنافق ، فأنا خليفتك وطوع أمرك . » ذكر الحيلة التي تمّت لأبرويز حتّى أفلت من بهرام بعد ظفره به ورجوعه بعد ذلك وقتله إيّاه ببلاد الترك واستيلائه على الملك إنّ أبرويز خرج إلى النهروان لما وردها بهرام ، وواقفه [2] وجعل النهر بينه وبينه ، ودار بينهما كلام كثير [3] ، كلّ ذلك يدور على استصلاح بهرام ، فلا يردّ [ 224 ] عليه بهرام إلَّا ما يسوءه ، حتّى يئس منه وأجمع على حربه . ولهما أخبار كثيرة وأحاديث طويلة آخرها : أن أبرويز ضعف عنه بعد أن قتل بيده ثلاثة نفر من الأتراك كانوا وثّقوا بهرام من أبرويز ، وضمن لهم عليه مالا عظيما ، وكان هؤلاء الثلاثة من أشدّ الأتراك وأعظمهم أجساما وشجاعة . ثم رأى أبرويز من أصحابه فتورا وحرّض أصحابه فتبيّن منهم فشلا . فصار إلى أبيه وشاوره ، فرأى له المصير إلى ملك الروم فأحرز نساءه وشخص في عدّة يسيرة فيهم : بندويه ، وبسطام ، وكردى [4] أخو بهرام . لأنّ كردى هذا كان ماقتا لأخيه ، معاديا له ، شديد الطاعة والنصيحة لأبرويز . فلمّا خرجوا ، من المدائن خاف القوم من بهرام وأشفقوا أن يردّ هرمز إلى الملك ، ويكاتب ملك الروم عن هرمز في ردّهم فيتلفوا . فأعلموا أبرويز ذلك واستأذنوا في إتلاف هرمز فلم يحر [5] جوابا . فانصرف بندويه وبسطام
[1] . أظلنا : دنا منّا . أقبل علينا ، غشينا . [2] . واقفه في حرب أو خصومة : وقف معه . [3] . أنظر الطبري 2 : 996 . [4] . أنظر الطبري 2 : 998 . [5] . أحار الجواب : ردّه .