حتّى قدما على تبّع بما حازا من الأموال بالصين وصنوف الجوهر والطيب والسبي ، ثم انصرفوا جميعا إلى بلادهم . وذلك أنّه كانت همّة ملوك العرب الغزو والغنيمة ولم يطمعوا في الملك الثابت . وكان أحدهم إذا ملأ يده من الغنائم وأرضى جنده وظفروا بما في نفوسهم ، انكفأوا إلى بلادهم . وكانت وفاة تبع باليمن ولم يخرج أحد من ملوك اليمن بعده غازيا إلى شيء من البلاد . وكان ملكه مائة وإحدى وعشرين سنة . وأمّا في الرواية الأخرى : فإنّه أقام تبّع وواطأ ابن أخيه شمرا وابنه حسّانا أن يملكا الصين ، ويحملا إليه الغنائم ، ونصب بينه وبينهم المنار . فكان إذا حدث [ 176 ] حدث أوقدوا النار ، فأتى الخبر في ليلة . وكان جعل آية ما بينه وبينهم [ أنه ] [1] : - « إن أنا أوقدت نارين من عندي فهو هلاك يعفر ، وإن أوقدت ثلاثا فهو هلاك تبّع . وإن كانت من عندهم نار فهو هلاك حسّان ، وإن كانت نارين فهو هلاكهما » . فمكثوا بذلك . ثم إنه أوقد نارين فكان هلاك يعفر ، ثم أوقد ثلاثا فكان هلاك تبّع . وقد ذكر بعض الرواة : أنّ الذي سار إلى المشرق من التبابعة ، تبّع الآخر وهو : تبّع تبان أسعد أبو بكر بن مليكيكرب بن زيد بن عمرو ذي الأذعار وهو أبو حسّان . وقام بالملك بعد قباذ ابنه كسرى أنوشروان فاستقبل الأمر بجدّ وسياسة وحزم . وكان جيّد الرأي ، كثير النظر ، صائب التدبير ، طويل الفكر ثم الاستشارة . فجدّد سيرة أردشير ، ونظر في عهده [2] ، وأخذ
[1] . تكملة يقتضيها السياق . وفي الطبري : أن إذا أوقدت . [2] . أنظر العهد في ص 122 - 144 .