فأرسل الحارث بن عمرو الكندي إلى تبّع وهو باليمن : - « إنّى قد طمعت في ملك الأعاجم ، وقد أخذت منه ستّة طساسيج ، فأجمع الجنود وأقبل ، فانّه ليس دون ملكهم شيء ، لأنّ الملك عليهم لا يأكل اللحم ، ولا يستحلّ هراقة الدماء ، وله دين يمنعه من ضبط الملك ، فبادر بعدّتك وجندك . » فجمع تبّع الجنود ، وسار حتى نزل الحيرة ، وقرب من الفرات ، فآذاه البقّ ، فأمر الحارث بن عمرو أن يشقّ له نهرا إلى النجف ، ففعل وهو نهر الحيرة ، فنزل عليه ، ووجّه ابن أخيه [1] شمرا ذا الجناح [ 173 ] إلى قباذ . فقاتله ، فهزمه شمر ، حتى لحق بالرىّ ، ثم أدركه بها فقتله . ذكر ما تمّ لتبّع وابن أخيه شمر وابنه حسّان بعد احتوائهم على مملكة الفرس ثمّ إنّ تبّعا أمضى شمرا ذا الجناح إلى خراسان ، ووجّه ابنه حسّان إلى السغد [2] وقال : - « أيّكما سبق إلى الصين فهو عليها . » وكان كلّ واحد منهما في جيش عظيم يقال : إنهما كانا ستمائة ألف وأربعين ألفا . وبعث ابن أخيه الآخر واسمه : « يعفر » إلى الروم . فأمّا يعفر فإنّه سار حتى أتى قسطنطينية . فأعطوه الطاعة والإتاوة . ثم مضى إلى روميّة فحاصرها . ثم أصابهم جوع ، ووقع فيهم طاعون فرقّوا [3] . وعلم الروم بذلك ، فوثبوا عليهم فلم يفلت منهم أحد . وأمّا شمر ذو الجناح فانّه سار حتّى انتهى إلى سمرقند ، فحصرها ، فلم يظفر