وفد من قيصر - وفيهم أخو قيصر - في طلب الصلح والهدنة ، فسأله بهرام أن يكلَّم يزدجرد في الإذن له في الانصراف إلى المنذر . فأذن له أبوه وانصرف إلى بلاد العرب وقد عرّض بأبيه ورأى قلَّة نفاق [1] أدبه عليه ، ولقى شدّة وهوانا . فأقبل على التنعم والتلذّذ ، إلى أن هلك أبوه يزدجرد وبهرام غائب . فتعاقد قوم من العظماء ألَّا يملَّكوا أحدا من نسل يزدجرد ، وأظهروا : أنّ ولد يزدجرد لا يحتملون الملك ، وليس فيهم نجيب غير بهرام ، وبهرام لم يتأدّب بأدب الفرس ، وإنّما أدبه أدب العرب ، وأخلاقه أخلاقهم ، لنشئه في ما بينهم وبين أظهرهم ، واجتمعت كلمة العامّة معهم على صرف الملك عن بهرام إلى رجل من عترة أردشير بن بابك يقال له : كسرى فملَّكوه ، وانتهى هلاك يزدجرد وما كان من تمليكهم كسرى إلى بهرام . [ 147 ] فدعا بالمنذر وبالنعمان ابنه وناس من علية العرب . فذكّرهم إحسان والده إليهم وإنعامه عليهم مع فظاظته وشدّته على الفرس ، وأخبرهم بموت والده وما كان من الفرس من تمليك غيره ، ومنّاهم من نفسه ووعدهم بما أنسوا به . فقال المنذر : - « لا يهولنّك ذلك حتى ألطف للحيلة . » ثمّ إنّ المنذر جهّز عشرة آلاف من فرسان العرب مع ابنه إلى طيسبون وبهأردشير [2] مدينتي الملك ، وأمره أن يعسكر قريبا منهما ، وأن يغير على ما والاهما ، وإن تحرّك أحد لقتاله قاتله . وأذن له في الأسر والسبي ، ونهاه عن لقتل .
[1] . كذا في مط والأصل : « قلَّة نفاق » . والظاهر أنّ إحدى الكلمتين زائدة لأنّ النفاق بمعنى النفاد ، والفناء ، والقلَّة . [2] . مهملة في الأصل وأعجمناها كما في مط والطبري . أصلها : ويه أرتخشر . صور التعريب : بهرسير ، بردسير ، بردشير ، گواشير ، جواسير ، جواشير ، وبهادرشير هي كرمان ( لج : 325 ) .