التربة والهواء ، وليتعلَّم هناك الفروسية . وتكفّله النعمان وعظَّم يزدجرد المنذر بن النعمان وشرّفه ، وملَّكه على العرب ، وسار به المنذر ، فربّاه ، واستدعى له الحواضن من الفرس والعرب ، ثم أحضره المؤدّبين ، وحرص بهرام على الأدب . فتحكى عنه حكايات من النجابة في صغره ، فمنها أنّه قال للمنذر بن النعمان وهو ابن خمس سنين : - « أحضرنى مؤدّبين ليعلَّمونى الكتابة والفقه والرمي والفروسية . » فقال له المنذر : « إنّك بعد صغير السنّ ، ولم يأن لك ذلك بعد . » فقال له بهرام : « أما تعلم أيّها الرجل ، أنّى من ولد الملوك ، وأنّ الملك [ 145 ] صائر إلىّ ، وأولى ما كلَّف به الملوك وطلبوه ، صالح العلم ، لأنّه زين لهم وركن ، وبه يفوقون ؟ أما تعلم أنّ كلّ ما يتقدّم في طلبه ينال وقته ، وما لا يتقدّم فيه ، بل يطلب في وقته ، ينال في غير وقته ، وما يفرّط فيه وفي طلبه ، يفوت فلا ينال ؟ عجّل علىّ بما سألتك ! » فوجّه المنذر ساعة سمع مقالة بهرام ، إلى باب الملك من أتاه برهط من المعلَّمين والفقهاء ومعلَّمى الرمي والفروسية ، وجمع له حكماء الروم وفارس ومحدّثى العرب ، فألزمهم إيّاه ، ووقف أوقاتا لكل قوم منهم . فتفرّغ بهرام لتعلَّم كل ما سأل أن يعلَّم ، واستمع من أهل الحكمة ، ووعى ما سمع ، وثقف كل ما علَّم بأيسر سعى ، وبلغ أربع عشرة سنة وقد فاق معلَّميه ، واستفاد كل ما أفيد وحفظ وفاق . ثمّ حرص على انتخاب الأفراس العربيّة وركوبها وإحضارها والرمي عليها ، فبرع في ذلك . وتحكى الفرس عنه حكايات عظيمة جدّا [1] . ثمّ أعلم المنذر أنّه على الإلمام بأبيه ، فشخص ، [ 146 ] وكان أبوه لا يحفل بولد له ، فاتّخذ بهرام للخدمة ، ولقى بهرام من ذلك عنتا . واتفق أن ورد على يزدجرد