في عسكر لليانوس من العرب مائة وسبعون ألف مقاتل . فوجّههم مع بطريق [1] له في مقدمته . وأقدموا على فارس حنقين موتورين . وذلك أنّ سابور لم يقتصر على الانتقام ممّن أذنب وتجاوز حدّه ، حتى قتل البريء ، وسفك من الدماء ما لا يحصى . فلما انتهى إلى سابور كثرة من مع لليانوس من الجنود ، وشدّة بصائرهم ، وحنق العرب ، وعدد الروم والخزر ، هاله ذلك ، ووجّه عيونا تأتيه بأخبارهم ، ومبلغ عددهم ، وشجاعتهم ، وعدّتهم . فاختلفت عليه أقاويل العيون في ما أتوه من الأخبار عن لليانوس وجنده . فتنكّر سابور ، وسار في ثقاته ليعاين عسكرهم . تخلَّصه بحسن الاتّفاق فكان مما جنى فيه على نفسه وتخلَّص منه بحسن الاتفاق : أنّه لمّا قرب من عسكر البطريق الذي كان على المقدمة وكان اسمه [ 138 ] يوسانوس [2] ومعه العرب والخزر ، وجّه قوما ليتجسّسوا الأخبار ويأتوه بحقائقها . فنذرت [3] بهم الروم ، فأخذوهم ودفعوهم إلى يوسانوس . فأقرّ من جملتهم رجل واحد ، وأخبر بالقصة على وجهها وبمكان سابور ، وسأله أن يوجّه معه جندا فيدفع إليهم سابور . فأرسل يوسانوس رجلا من بطانته إلى سابور يعلمه [4] ما ألقى إليه من أمره وينذره . وإنّما فعل ذلك لميله إلى النصرانية التي قصدها لليانوس . فارتحل سابور من الموضع الذي كان فيه وصار إلى عسكره . ثم زحف لليانوس بمسألة العرب إيّاه ، فقاتل سابور وفضّ جمعه ، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، وهرب سابور في من
[1] . بطريق : معرّب أصله اليوناني البيزنطى : Patrikios ، معناه بالرومية : أمير الجيش ، وفي المسيحية : القسيس ، باللاتينية : Patricus ( لد ، فم ) . [2] . مط : بوسابوس . وهو Jovian ( المفصّل 2 : 642 ) . [3] . نذر به : علمه ، فحذره . [4] . في الأصل ومط : ويعلمه . فحذفنا الواو ، كما يتطلَّبه السياق .