[ 89 ] وهو بالحيرة . فقال له قصير : « أداثر [1] ، أم ثائر ؟ » فقال : - « بل ثائر سائر . » - فذهبت مثلا . ذكر حيلة لقصير على الزبّاء تمّت له عليها كانت الزبّاء قد سألت الكهنة والمنجّمين عن أمرها وملكها ، فقالوا : - « نرى هلاكك بسبب غلام مهين غير أمين . » ووصفوا قصيرا وعمرو بن عدىّ ، وقالوا : - « لن تموتي إلَّا بيده ، ولكنّ حتفك بيدك ، ومن قبله ما يكون . » فحذرت عمرا ، واتّخذت نفقا من مجلسها الذي كانت تجلس فيه ، إلى حصن لها داخل مدينتها ، وقالت : إن فجئنى أمر دخلت النفق إلى حصني . ثمّ دعت مصوّرا حاذقا فجهّزته ، وقالت : - « سر حتّى تقدم على عمرو بن عدىّ متنكّرا فتخلو بحشمه وتخالطهم بما عندك من التصوير ، ثمّ أثبت [2] عمرو بن عدىّ معرفة ، فصوّره جالسا ، وقائما ، وراكبا ، ومتفضّلا [3] ، ومتسلَّحا بهيئته ، ولبسته ، وثيابه ، ولونه . فإذا أحكمت ذلك ، فأقبل إلىّ . » فانطلق المصوّر ، حتّى قدم على عمرو بن عدىّ [ 90 ] وبلغ جميع ما وصّته به ، ثمّ رجع إليها بما وجّهته له من الصور . فعرفت عمرا على جميع هيئاته ، وحذرته . ثمّ إنّ قصيرا قال لعمرو : « إجدع أنفى ، واضرب ظهري ، ودعني وإيّاها . » فقال عمرو : « وما أنا بفاعل ، ولا أنت بمستحقّ منّى لذلك . » فقال قصير : « خلّ عنّى إذا وخلاك ذمّ . » فذهبت مثلا .
[1] . الداثر : الغافل . دثر السيف . صدى . دثر القلب : غفل . [2] . أثبته : عرفه حق المعرفة . [3] . تفضّل : لبس الفضال . والفضال ما يلبس في البيت .