أصحابه ، فأخذ على الفرات من الجانب الغربىّ . فلمّا نزل رحبة [1] مالك بن طوق - وكان تدعى في ذلك الزمان « الفرضة » - دعا قصيرا ، فقال : - ما الرأي ؟ » فقال : « ببقّة [2] تركت الرأي . » - فذهبت مثلا . [ 88 ] واستقبلته رسل الزبّاء بالهدايا والألطاف ، فقال : - « يا قصير كيف ترى ؟ » قال : - « خطر يسير في خطب كبير - فذهبت مثلا - وستلقاك الخيل ، فإن سارت أمامك فإن المرأة صادقة ، وإن أخذت جنبتيك ، فالقوم غادرون ، فاركب العصا ، فإنّى مسايرك عليها . » وكانت العصا فرسا لجذيمة لا تجارى ، فلقيته الخيول والكتائب ، فحالت بينه وبين العصا ، فركبها قصير مولَّيا على متنها ، فقال : - « ويل أمّه حزما على ظهر العصا . » - فذهبت مثلا . ونجا قصير ، وأدخل على الزبّاء . فلما رأته كشفت له عن إسبها [3] ، فإذا هو مضفور . فقالت : - « يا جذيمة ! أدأب عروس ترى ؟ » - فذهبت مثلا . فقال : « بلغ المدى ، وجفّ الثرى ، وأمر غدر أرى . » - فذهبت مثلا . فتمّت حيلتها على جذيمة ، حتّى قتلته بأن قطعت راهشيه [4] ، في خبر طويل ، وأمثال محفوظة . فهلك جذيمة ، وخرج قصير حتى قدم على عمرو بن عدىّ
[1] . رحبة مالك بن طوق : على الفرات بين الرقّة والعانة ، أحدثها مالك بن طوق في خلافة المأمون ( مع ) رحبة الشام ( لج ) . [2] . بقّة : اسم موضع قريب من الحيرة ، وقيل : حصن كان على فرسخين من هيت كان نزله جذيمة الأبرش ( مع ) . [3] . الاسب : شعر الفرج ، وقيل : شعر الاست . الشعر النابت على قبل المرأة والرجل . [4] . الراهشان : عرقان في باطن الذراعين .