نام کتاب : تاريخ اليعقوبي نویسنده : اليعقوبي جلد : 1 صفحه : 54
ومخلصي ، بعد أن أحاطت بي سكرات الموت ، وقربت مني ، واحتوت علي أحداث الهلكة ، فدعوتك في ضيقي واستعنت بك يا إلهي ، فسمعت صوتي فاستنقذتني من الذين اعتوروني واضطهدوني ، وكنت ناصري ، فأخرجتني من الضيق إلى الفرج ، فما أعد لك يا رب ، وأنصرك للمتوكلين عليك ، لأنه لا رب غيرك ، فألهمني القوة ، وبصرني طريق الرشد ، وثبت قدمي بين يديك ، وشدد ساعدي ، ولا تقدر علي أعدائي ، وهب لي طاعة بني إسرائيل ، وصيرهم خولا خاضعين ، وألهمني شكرك . وكان داود إذا سبح الله بهذا الكلام رفع صوتا حسنا لم يسمع مثله ، وكان إذا قرأ الزبور قال : طوبى لرجل . . [1] في سبيل الأثمة لم يسلك ، وفي مجالس المستهزئين لم يجلس ، ولكن هواه سنة الله ، وبسننه تعلم الليل والنهار ، يكون كشجرة غرست على شط الماء ، تؤتي أكلها كل حين ، ولا يتناثر ورقها ، وليس كذلك المنافقون في القضاء ، ولا الخاطئون في مجمع الأبرار ، من أجل أن الله يعلم سبيل الأبرار وسبيل الأثمة يبطل . ثم يقول : سبح لله من في السماء ، وليسبحه من في العلى ، ولتسبحه ملائكته كلها ، ولتسبحه جنوده كلها ، ولتسبح له الشمس والقمر ، ولتسبح له الكواكب والنور ، وليسبح لاسم ربنا الماء الذي فوق السماء ، وذلك بأنه قال لكل شئ : كن فكان ، وهو خلق كل شئ وبرأه ، وجعلهن دائمات الأبد ، وقدر كل شئ منهن تقديرا ، وجعل لهن حدا ومنتهى لا يجاوزنه ، فليسبح الله من في الأرض ، والنار ، والبرد ، والثلج ، والجليد ، فإنه خلق الريح العاصف بكلمته . سبحوا الله تسبيحا حديثا في مسجد الصديقين ، وليفرح إسرائيل بخالقه ، وإن بني صيون يكبرون ربكم ، ويسبحون اسمه بالدف ، والطبل ، والكبر ، يكبرونه من أجل أن يسر الله بشريعته ، ويعطي المساكين النصر ، ليشيد الصديقون .