نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 346
يريدون الفتك به بكل ما يسعهم من عوامل الوقيعة فيه من كلام قاتل وكلام شائن ، يستثير عليه العواطف ويبلغ به لأجله اللغوب ( 1 ) فتاً في عضده وتشتيتاً لقوته التي كان عليها في سبيل مبتغاه ، لأن يصرفها في تدمير العدو وإبادة نفوذه ، فهو يحسب من سعادته أن يكتفي في ملاشاة أضداده بتفخيذ الملأ عنها وتنفير الجامعة منها ، أو استجاشة الأفئدة عليها مهما أمكنه ، ويكون له منتدح ( 2 ) عن سوق العساكر والإنفاق في سبيله من الأموال والنفوس مهما كان هو الغالب على السلطة ، وعلى الأقل يكون فيه تبريراً لعمله وصوناً لحسن سمعته عن الوقيعة . كانت الشهوات تختلف في رمي الأعداء بأنواع من القذائف حسب الظروف والأحوال والمباءات ( 3 ) التي تكون فيها ، فهي في الأوساط الدينية غيرها في الحواضر السياسية ، كما أنها في الجامعات المدنية غيرها في الوحشية . كان المختار يوم نهض بأمره في محيط عريق في الإسلامية ، هنالك منهم أمم متهالكون في ولاء أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وهم الذين لاثوا به وأخذوا بناصره ، وعاصمة ملكه هي الكوفة ، وفيها أشراف العرب وزعماؤهم وذوو النجدة والبأس منهم ، وكانت البغضاء متواصلة بينه وبين ابن الزبير ، الذي كان يطمع فيه أن يخضع له العباد والبلاد ، فلم يفلس منه ( 4 ) إلاّ وقد أفلت عن سيطرته ممالك وأمصار ، أضف إلى ذلك ما كانت تحتدم بينه وبين عبد الملك من الأحقاد ، شأن كل علوي في دينه وأموي في هواه ، غير ما كان يحقده على إشغاله فراغاً واسعاً من فضاء الملك ، خسره المقعي يومذاك على أنقاض مملكة الإسلام . كل ذلك وفي حشوة الناس ورعاعهم قتلة السبط الشهيد صلوات الله عليه ، الذين توطدت إمرة المختار باجتياح أصولهم واكتساح أشواكهم المتكدسة أمام السير الديني والبشري ، وفيهم ذوو رأي وشيطنة ورئاسة ، غير من كان يلتف منهم بالرايتين الزبيرية والأموية . كل هذه كانت كمراجل تغلي على المختار غيظاً وحنقاً ، ومن جرائها كانت
1 - اللغوب : التعب والإعياء . الصحاح : 1 / 220 . 2 - أي سعة وفسحة . لسان العرب : 2 / 613 . 3 - المباءة : هي منزل القوم في كل موضع . الصحاح : 1 / 37 . 4 - أي طلبه فأخطأ موضعه . لسان العرب : 6 / 116 .
346
نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 346