نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 251
منصب القضاء : القضاء منصب جليل ومرتبة سامية ، فإنه إمارة شرعية ، وغصن من دوحة الرئاسة العامة الثابتة للنبي والأئمة وخلافة عنهم ( عليهم السلام ) ، وخطره عظيم جداً إذ القاضي على شفير جهنم ، ولمّا ولي الإمام أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) شريحاً القضاء في الكوفة اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتى يعرضه عليه ، وقال له يوماً : « يا شريح قد جلست مجلساً لا يجلسه إلاّ نبي أو وصي نبي أو شقي » ( 1 ) . وعن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « لسان القاضي بين جمرتين من نار حتى يقضي بين الناس ، فإمّا في الجنة وإمّا في النار » ( 2 ) . إن الدين الإسلامي يوجب القضاء على كل من له الأهلية وجوباً كفائياً ، بحيث إذا قام به من فيه الكفاية سقط عن الآخرين ، وقد يوجبه وجوباً عينياً على كل من جمع شروطه ، وذلك إذا لم يكن في بلده أو ما يقرب منه ممّا لا يتعسر الرجوع إليه للمرافعة من له أهلية غيره ، فإنه يجب عليه حينئذ عيناً مع فرض حاجتهم إلى القاضي وعدم إمكان ( رفع التنازع بالمصالحة ونحوها ) ( 3 ) . وإن الدين الإسلامي يشترط في القاضي شروطاً عديدة منها : الاجتهاد ، فلا ينفذ قضاء غير المجتهد ، وإن بلغ من العلم والفضل ما بلغ ، لإجماع المسلمين على ذلك ، لأن منصب القضاء - كما عرفت - مختص بالنبي والأئمة ( عليهم السلام ) ، لقوله تعالى : ( فَإنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) ( 4 ) ، وقد تقدم قول الإمام علي ( عليه السلام ) لشريح القاضي ، فحينئذ يتوقف جواز القضاء من غير النبي والأئمة على الإذن منهم ( عليهم السلام ) . وقد وردت الآثار من أئمة الهدى ( عليهم السلام ) بالإذن في القضاء للمجتهد العادل خاصة ، القادر على استنباط الأحكام من أدلتها الشرعية ، فإن الإمام الصادق ( عليه السلام ) يقول فيما يحدثنا به الصدوق ( رحمه الله ) في الفقيه : « إياكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم ،
1 - الكافي : 7 / 406 ح 2 ، الفقيه : 3 / 5 ح 3223 ، التهذيب : 6 / 217 ح 509 . 2 - تهذيب الأحكام : 6 / 292 ح 808 ، وسائل الشيعة : 27 / 214 ح 33622 . 3 - ما بين القوسين لم يرد في المطبوع الثاني . 4 - سورة النساء : 59 .
251
نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 251