نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 199
قال : أبدأ بالملك ابن الملك ، الذي سنّ هذا . قال : فنزل عن سريره ورفع القصار الكذين فضرب أصل قفاه ، فسقط على وجهه . فقال الملك : ليت شعري ، أي الضربات هذه ! والله لئن كانت الهينة ثم جاءت الوسطى والشديدة لأموتن ، فنظر إلى الحرس وقال : أولاد الزنا تزعمون أنه لم يصلّ وأنا والله رأيته حيث صلّى ، خلوا سبيله واهدموا الغريين . قال : فضحك القصار حتى جعل يفحص برجله من كثرة الضحك . قلت أنا : فالذي يقع لي ويغلب على ظني : أن المنذر لمّا صنع الغريين ظاهر الكوفة سنّ تلك السنّة ولم يشرط قضاء الحوائج الثلاثة التي كان يشرطها ملك مصر ، والله أعلم . وأن الغريين بظاهر الكوفة ، بناهما المنذر بن امرئ القيس بن ماء السماء ، وكان السبب في ذلك : أنه كان له نديمان من بني أسد يقال لأحدهما خالد بن نضلة والآخر عمرو بن مسعود فمثلا ، فراجعا الملك ليلة في بعض كلامه ، فأمر وهو سكران ، فحفر لهما حفيرتان في ظهر الكوفة ودفنهما حيين ، فلمّا أصبح استدعاهما فأخبر بالذي أمضاه فيهما ، فغمّه ذلك وقصد حفرتهما ، وأمر ببناء طربالين عليهما وهما صومعتان . فقال المنذر : ما أنا بملك إن خالف الناس أمري ، لا يمر أحد من وفود العرب إلاّ بينهما . وجعل لهما في السنة يوم بؤس ويوم نعيم ، يذبح في يوم بؤسه كل من يلقاه ويغري بدمه الطربالين ، فإن رفعت له الوحش طلبتها الخيل ، وإن رفع طائر أرسل عليه الجوارح ، حتى يذبح ما يعن ويطليان بدمه . ولبث بذلك برهة من دهره ، وسمّى أحد اليومين : يوم البؤس ، وهو اليوم الذي يقتل فيه ما ظهر له من إنسان وغيره ، وسمّى الآخر : يوم النعيم ، يحسن فيه إلى كل من يلقى من الناس ويحملهم ويخلع عليهم ، فخرج يوماً من أيام بؤسه إذ طلع عليه عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر ، وقد جاء ممتدحاً ، فلمّا نظر إليه قال : هلاّ كان الذبح لغيرك يا عبيد . فقال عبيد : أتتك بحائن رجلاه ، فأرسلها مثلا .
199
نام کتاب : تاريخ الكوفة نویسنده : السيد البراقي جلد : 1 صفحه : 199