لم ير في القوم مثل سعيد حلما وشرفا . وذلك جميعه في ( 1 الشهر الحرام 1 ) ، فلما أمسى عمرو بن عبد العزى جمع فوارس من بني ليث فأخبرهم بالذي قيل له وطلب إليهم أن يتبعوه فيغير بهم في جوف مكة ، فأبوا عليه وقالوا : ويحك في الشهر الحرام وفي الحرم ! وعظموا عليه ، فقال : والله لئن لم تتبعوني لأقتلن نفسي ، فلما رأوا [2] ذلك أقبلوا معه حتى انتهى إلى مكة ليلا فسأل عن العاص بن وائل وعن عبد العزى وحبيب ابني عبد شمس فقيل له : إنهم في رهط من قريش يتحدثون بأجياد [3] ، فانطلقوا نحوهم فلم يشعر القوم بشئ حتى أغاروا عليهم ، فقتلوا رجلين من بني عبد شمس : الربيع وعمرا [4] ، وأفلت العاص بن وائل وصاحباه عبد العزى وحبيب ابني عبد شمس في سائر القوم حتى دخلوا منازلهم ، واشتد ذلك على قريش وغضبت بنو عبد شمس على أبي أحيحة وقالوا : قد عرفت أن الغلام كان على أن يغير علينا فلم تحذرنا فنأخذ له أهبة القتال حتى أتونا متفضلين في ملئنا [5] ، في نادينا ، 91 / فقال : ما شعرت بهذا ولقد خالفني ما فعلوا - أي ساءني ، فأقاموا / ما أقاموا ، ثم إن عمرو بن العاص غضب لأبيه غضبا شديدا وهو غلام شاب ، فركب في فوارس من قريش فطلب بني سعد بن ليث ليصيب منهم ثأره ، فلقي رجلين من بني سعد بن ليث فحياهما ثم قال : ممن أنتما ؟ وهو يريد أن ( 6 ) يستدل بهما ( 6 ) على بني سعد ، فقالا : سعديان ، فقال : لا أطلب أثرا بعد عين ، فقدمهما فضرب أعناقهما ، ثم انصرف إلى مكة راجعا وكان اسم الرجلين سعدا وعمرا .
( 1 ) في الأصل : شهر حرام . [2] في الأصل : رأو . [3] أجياد كأحباب : موضع بمكة متصلا بالصفا - معجم البلدان 1 / 127 . [4] في الأصل : عمروا . [5] في الأصل : ملئينا ، والملأ متحركا : جماعة القوم وأشرافهم . ( 6 - 6 ) في الأصل : يستدلهما .