responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 301

إسم الكتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ( عدد الصفحات : 428)


مشارق الأرض ومغاربها بلغ أرض بابل فمرض مرضا شديدا أشفق من مرضه أن يموت بعد ما دوّخ البلاد وجمع الأموال ، فنزل بابل فدعا كاتبه ، فقال : خفّف عليّ في الموتة بكتاب تكتبه إلى أمي تعزيها بي ، واستعن ببعض علماء أهل فارس ، ثم اقرأه [ عليّ ] [1] . فكتب الكتاب .
بسم الله الرحمن الرحيم ، من الإسكندر بن قيصر رفيق أهل الأرض بجسده قليلا ، ورفيق أهل السماء بروحه طويلا إلى أمه روقية ذات الصفاء التي لم تمتّع بثمرتها في دار القرب ، وهي مجاورته عما قليل في دار البعد ، يا أمتاه ، يا ذات الحكمة [2] أسألك برحمتي وودي وولادتك إياي ، هل وجدت لشيء قرارا باقيا وخيالا دائما ، ألم تري إلى الشجرة كيف تنضر أغصانها وتخرج ثمرتها وتلتف أوراقها ثم لا يلبث الغصن أن يتهشم والثمر أن يتساقط ، والورق أن يتباين ؟ ! ألم تري النبت الأزهر يصبح نضيرا ثم يمسي هشيما ؟ ! ألم تري إلى النهار المضيء ثم يخلفه الليل المظلم ؟ ! ألم تري إلى القمر الزاهر ليلة بدره كيف يغشاه الكسوف ؟ ! ألم تري إلى شهب النار الموقدة ما أوشك ما تخمد ؟ ! ألم تري إلى عذب المياه الصافية ما أسرعها إلى البحور المتغيرة ؟ ! ألم تري إلى هذا الخلق كيف يعيش في الدنيا قد امتلأت منه الآفاق ، واستعلت به الأشياء ، وولهت به الأبصار والقلوب ؟ ! إنما هما شيئان : إما مولود وإما ميت ، كلاهما مقرون بالفناء ، ألم تري أنه قيل لهذه الدار روحي بأهلك فإنك لست لهم بدار ؟ ! يا واهبة الموت [3] ، ويا موروثة الأحزان ، ويا مفرقة بين الأحبة ، ويا مخربة العمران ، ألم تري إلى كل مخلوق يجري على ما لا يدري ؟ هل رأيت يا أماه معطيا لا يأخذ ، ومقرضا لا يتقاضى ، ومستودعا لا يسترد وديعته ؟ ! يا أماه إن كان أحد بالبكاء حقيقا فلتبك السماء على نجومها ، ولتبك الحيتان على بحورها وليبك الجو على طائره ، ولتبك الأرض على أولادها والنبت الَّذي يخرج منها ، وليبك الإنسان على نفسه التي تموت في كل ساعة وعند كل طرفة . يا أمتاه إن الموت لا يعتقني [4] من أجل إني كنت عارفا أنه نازل بي ، فلا



[1] ما بين المعقوفتين : من الهامش .
[2] في المرآة : « يا ذات الحلم » .
[3] في المرآة : « يا والدة الموت » .
[4] في المرآة : « الموت لا يدعني من أجل » .

301

نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 301
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست