نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 15
وقال أيضا : واعلم يا بني أن أبي كان موسرا ، وخلف ألوفا من المال [1] . ويوضح ابن الجوزي حاله منذ صغره فيقول : إن أبي مات وأنا لا أعقل ، والأم لا تلتفت إليّ [2] . فقد كان والده قد توفي ، وله من العمر ثلاث سنين ، وبقيت والدته على قيد الحياة ، حيث سبقها إلى الموت بأيام في عام 597 ه . ولما بلغ ابن الجوزي سن التمييز مضت به عمته [3] إلى الشيخ أبي الفضل محمد بن ناصر ، الفقيه اللغوي ، الَّذي تولى تعليم وتثقيف ابن الجوزي ، فأحفظه القرآن والحديث . وساعده في الوصول إلى العلماء المتخصصين في شتى العلوم . ويقول ابن الجوزي عن هذه الفترة من حياته : إن أكثر الإنعام عليّ لم يكن بكسبي ، وإنما هو تدبير اللطيف بي ، فإنّي أذكر نفسي ولي همة عالية وأنا في المكتب ابن ست سنين ، وأنا قرين الصبيان الكبار ، وقد رزقت عقلا وافرا في الصغر . فما أذكر أني لعبت في الطريق مع الصبيان قط ، ولاضحكت ضحكا خارجا ، حتى إني كنت ولي سبع سنين أو نحوها أحضر رحبة الجامع ، فلا أتخير حلقة مشبعة ، بل أطلب المحدث ، فيتحدث بالسير فأحفظ جميع ما أسمعه ، وأذهب إلى البيت فأكتبه ، ولقد وفق لي شيخنا أبو الفضل بن ناصر رحمه الله ، وكان يحملني إلى الشيوخ ، فأسمعني المسند وغيره من الكتب الكبار ، وأنا لا أعلم ما يراد مني ، وضبط لي مسموعاتي إلى أن بلغت ، فناولني ثبتها ، ولازمته إلى أن توفي رحمه الله ، فنلت به معرفة الحديث والنقل ، ولقد كان الصبيان ينزلون إلى دجلة ويتفرجون على الجسر ، وأنا في زمن الصغر آخذ جزءا من القرآن وأقعد حجزة من الناس ، فأتشاغل بالعلم [4] . ولقد كان ابن الجوزي شغوفا محبا لطلب العلم مهما كلفه من عناء في طلبه ، فهو يقول في ذلك : ولقد كنت في حلاوة طلبي للعلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى
[1] لفتة الكبد ، ص 38 . [2] صيد الخاصر ، لابن الجوزي ، ص 192 . [3] وقيل أن عمه هو حمله إلى الشيخ ابن ناصر . انظر : المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ، للدمياطي - 416 - 417 . وذيل طبقات الحنابلة 1 / 401 والبداية والنهاية 13 / 29 . [4] لفتة الكبد في نصيحة الولد ، لابن الجوزي ص 23 - 24 .
15
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 15