وقال غيره : وكان سبب مرضه أنه اغتسل في يوم بارد فحمّ ، ومرض خمسة عشر يوما ، وكان « عمر » يصلى بالناس حين ثقل . وقال ابن إسحاق : توفى يوم الجمعة لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة . وكانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر وتسع ليال . وكان أوصى أن تغسله « أسماء بنت عميس » ، امرأته . فلما مات حمل على السرير الَّذي كان ينام عليه النبيّ - صلَّى الله عليه وسلم - وهو سرير « عائشة » . فاشتراه رجل من موالي « معاوية » بأربعة آلاف درهم ، فجعله للناس ، وهو بالمدينة ، وصلَّى عليه « عمر بن الخطاب » . ونزل في حفرته : عمر ، وطلحة ، وعثمان ، وعبد الرحمن بن أبي بكر . ودفن مع النبيّ - صلَّى الله عليه وسلم - في بيت « عائشة » ، رضي الله عنها . وكان قال ل « عائشة » : « انظري يا بنية ، فما زاد في مال أبى بكر ، منذ ولينا هذا الأمر ، فردّيه على المسلمين ، فوالله ما نابنا من أموالهم إلا ما أكلنا في بطوننا من جريش طعامهم ، / 86 / ولبسنا على ظهورنا من خشن ثيابهم » . فنظرت فإذا بكر ، وجرد [1] قطيفة لا تساوى خمسة دراهم ، وحشيّة . فلما جاء به الرسول إلى « عمر » رضي الله عنه قال « عبد الرحمن بن عوف » لعمر : يا أمير المؤمنين ، أتسلب هذا ولد « أبى بكر » ؟ قال : كلا وربّ الكعبة ، لا يتأثم بها « أبو بكر » في حياته ، وأتحملها من بعد موته ، رحم الله « أبا بكر » ، فقد كلَّف من بعده تعبا [1] .
[1] الجريش : دقيق فيه غلظ يصلح للخبيص المرمل . والبكر : الفتى من الإبل . والجرد : الخلق الَّذي انسحق ولان . [1] ل : « شططا » .