سابور بن هرمز ذو الأكتاف : ولما هلك « هرمز » ، ولم يكن له ولد يجعلونه مكانه ، شق ذلك على الناس ، ثم سألوا عن نسائه ، فذكر لهم أن ببعضهن حملا ، فأرسلوا إليها : أيتها المرأة ، إن المرأة التي قد قاست الحمل ، وتدبرت أمور النساء ، قد تعرف علامات الذكران ، وعلامات الإناث ، فأعلمينا الَّذي يقع عليه ظنك فيما في بطنك . فأرسلت إليهم : إني أرى من نضارة لوني ، وتحرك الجنين في شقي الأيمن ، مع يسير الحمل ، وخفّته على ، ما أرجو أن يكون الجنين مع ذلك ذكرا . فاستبشروا بذلك ، وعقدوا التاج على بطن تلك المرأة ، ولم يزالوا يتلوّمون ، حتى ولدت غلاما ، فسمى : سابور . وهو الملقب ب « ذي الأكتاف » ، ولم يزل الوزراء يدبرون أمور المملكة ، وينفذون الكتب إلى العمال ، ويجبون الخراج ، ويمضون الأعمال ، على ما كانت تجرى عليه ، و « سابور » طفل . وذاع الخبر في أطراف الأرض بذلك ، وطمع فيهم ، وأقبل من كان يليهم من « العرب » من نواحي « عبد القيس » ، و « كاظمة » ، و « البحرين » ، فتغلبوا على أرض أسياف « فارس » ، و « نخلها » وشجرها ، وأكثروا الفساد ، وتواكل « الفرس » فيما بينهم ، فلم يوجّهوا إليهم أحدا ، ولم يزل ملكهم يزداد ضياعا ، حتى طمع فيهم جميع أعدائهم . فبينما « سابور » ذات ليلة نائم ، وقد أثغر وأيفع ، انتبه بأصوات الناس وضجتهم ، فسأل خدمه عن ذلك ، فأعلموه أن تلك أصوات من على الجسر من الناس ، وما يصرخ به المقبل منهم إلى المدبر ، ليتنحّى له عن الطريق . فقال : وما دعاهم على احتمال هذه المشقة ، وهم يقدرون على حسم ذلك بأيسر المئونة ؟