نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 87
ودخلت امرأة على هارون الرشيد وعنده جماعة من وجوه أصحابه فقالت : يا أمير المؤمنين : أقر الله عينك وفرحك بما آتاك وأتم سعدك لقد حكمت فقسطت فقال لها : من تكونين أيتها المرأة . فقالت : من آل برمك ممن قتلت رجالهم وأخذت أموالهم وسلبت نوالهم . فقال : أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله ونفذ فيهم قدره وأما المال فمردود إليك ثم التفت إلى الحاضرين من أصحابه فقال : أتدرون ما قالت هذه المرأة فقالوا : ما نراها قالت إلا خيراً . قال : ما أظنكم فهمتم ذلك أما قولها أقر الله عينك أي أسكنها عن الحركة وإذا سكنت العين عن الحركة عميت وأما قولها : وفرحك بما آتاك فأخذته من قوله تعالى : " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة " وأما قولها : وأتم الله سعدك فأخذته من قول الشاعر : [ من المتقارب ] إذا تم أمر بدا نقصه * ترقب زوالا إذا قيل تم وأما قولها لقد حكمت فقسطت فأخذته من قوله تعالى : " وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً " الجن : 15 فتعجبوا من ذلك . وحكي أن بعضهم دخل على عدوه من النصارى فقال له : أطال الله بقاءك وأقر عينك وجعل يومي قبل يومك والله إنه ليسرني ما يسرك فأحسن إليه وأجازه على دعائه وأمر له بصلة وكان ذلك دعاء عليه لأن معنى قوله : أطال الله بقاءك حصول منفعة المسلمين به في أداء الجزية وأما قوله : وأقر عينك فمعناه سكن الله حركتها أي أعماها وأما قوله : وجعل يومي قبل يومك أي جعل الله يومي الذي أدخل فيه الجنة قبل يومك الذي تدخل فيه النار وأما قوله : إنه ليسرني ما يسرك فإن العافية تسره كما تسر الآخر . فانظر إلى الاشتراك وفائدته ولولا الاشتراك ما تهيأ لمتستر مراد ولا سلم له في التخلص قياد . وكان حماد الراوية لا يقرأ القرآن فكلفه بعض الخلفاء القراءة في المصحف فصحف في نيف وعشرين موضعاً من جملتها قوله تعالى : " وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون " النحل : 68 بالغين المعجمة والسين المهملة وقوله : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " التوبة : 115 بالباء الموحدة ليكون لهم عدواً وحزناً بالباء الموحدة . وقوله : وما " يجحد بآياتنا إلا كل ختار " لقمان : 32 بالجيم
87
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 87